صنعاء | أعلنت الإمارات، قبل أيام، إبرام «اتفاقية التعاون العسكري والأمني ومحاربة الإرهاب» مع حكومة عدن، وذلك لـ«تعزيز الجهود والتعاون العسكري لمكافحة الإرهاب». وجاء توقيع الاتفاقية، التي لا يزال يكتنف بنودها الغموض، بعد وصول رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، إلى أبو ظبي مطلع الشهر الجاري. ووفقاً لمصادر مقرّبة من حكومة عدن، فإن التوقيع أتى بالفعل استكمالاً لصفقة أبرمها العليمي خلال زيارته تلك، التي التقى فيها وليّ عهد أبو ظبي، محمد بن زايد. وتثير الاتفاقية، التي وقّعها عن الجانب اليمني وزير الدفاع في حكومة عدن محسن الداعري، وعن الجانب الإماراتي وزير العدل عبدالله النعيمي، مخاوف متصاعدة من أن تكون النيّة من ورائها انتزاع «غطاء قانوني» لتثبيت السيطرة الإماراتية على العديد من المواقع الاستراتيجية في اليمن، والتي تشمل مطارات وموانئ وجزراً.وفي هذا الإطار، اعتبر مستشار السفارة اليمنية في الرياض، أنيس منصور، أن الاتفاقية تُعدّ «أمنية شاملة»، ومن شأنها توفير موطئ قدم دائم للجيش الإماراتي في الأراضي اليمنية، وخاصة في جزيرة سقطرى وجزيرة بريم (ميون) وباب المندب، ومطار الريان في المكلا، والقواعد العسكرية في المخا وذوباب وعدن وشبوة. وأشار منصور، في سلسلة تغريدات، إلى أن الاتفاقية تمّ التحضير لها منذ منتصف الشهر الماضي بين العليمي وابن زايد. وهو ما تؤكده أيضاً مصادر مطّلعة في مدينة عدن تحدّثت إلى «الأخبار»، لافتة إلى أن مراسم التوقيع حضرها كذلك وزير الشؤون القانونية في الحكومة الموالية لـ«التحالف»، أحمد عرمان، موضحة أن الموافقة الرسمية كانت انتُزعت سلفاً من العليمي. على أن المصادر تُبيّن أن هذه الموافقات لا تعوّض شرطاً أساسياً من شروط استحالة الاتفاقيات ذات أثر قانوني وفقاً للدستور اليمني، وهو مصادقة البرلمان اليمني عليها. وتشير إلى أن تقديم الإمارات 300 مليون دولار لحكومة عدن، مثّل أحد أهمّ الحوافز التي دفعت بالأخيرة إلى التوقيع.
رأى مراقبون أن الإمارات تسعى إلى التنصّل من مسؤولياتها عن الانتهاكات التي ارتكبتها


من جهتها، أعلنت حكومة صنعاء رفضها الاتفاقية، واصفةً إيّاها على لسان نائب وزير خارجيتها، حسين العزي، بأنها «عمل غير قانوني وتَطاول إماراتي سخيف هدفه النيل من إرادة شعبنا ومصالح البلاد». واعتبر العزي أن «أبو ظبي تحاول استعمال المرتزقة كغطاء بائس لإطالة تواجدها غير المشروع في البلاد»، مؤكّداً أن ذلك «غير مقبول»، داعياً إيّاها إلى «تعديل سلوكها العدائي بما ينسجم مع مقتضيات السلام». كما حذّر من «مغبّة أيّ خدمة رخيصة للعدو الإسرائيلي ضدّ اليمن، لأن ذلك سيعطي الشعب اليمني وكلّ أحرار الأمة كامل الحق في استهدافها من كلّ حدب وصوب». أمّا حزب «الإصلاح» فأثارت الاتفاقية مخاوفه من أن تكون غطاءً لاستكمال تصفية وجوده في المحافظات الجنوبية، فيما طالب عضو شورى الحزب، شوفي القاضي، بمعاقبة الداعري «بسبب توقيعه على اتفاقية تسمح للإمارات باستغلال الأجواء والأراضي والجزر والسواحل اليمنية لمصلحتها، ومصلحة حلفائها، وعلى رأسهم إسرائيل»، معتبراً أن هذه الاتفاقية «لا أثر قانونياً لها ما لم يصادق عليها البرلمان اليمني».
من جهة أخرى، رأى مراقبون أن الإمارات تسعى إلى التنصّل من مسؤولياتها القانونية والأخلاقية عن الانتهاكات التي ارتكبتها خلال السنوات الماضية في اليمن، وذلك من خلال تأطير وجودها العسكري بشكل قانوني، وتحويل نفسها من طرف فاعل في الحرب، إلى شريك يتمّ استدعاؤه تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.