غزة | كما كان متوقّعاً، لم تتمخّض زيارة الرئيس الأميركي، جون بايدن، إلى الأراضي المحتلّة، إلّا عن دعم مالي للمستشفيات ولـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» (أونروا)، من دون أيّ خطوة سياسية متّصلة بالقضية الفلسطينية؛ إذ على رغم تجديد بايدن، خلال لقائه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، اقتناعه بـ«حلّ الدولتَين»، إلّا أنه تحدّث عن عدم توفُّر الظروف المناسبة له حالياً، طارحاً جملة مطالب أمنية متّصلة بدور السلطة الأمني في الضفة الغربية. ووصل الرئيس الأميركي، صباح أمس، إلى مدينة بيت لحم، محطّته الثانية في زيارته للمنطقة، حيث التقى عباس وعدداً من المسؤولين الفلسطينيين في قصر الرئاسة، وعقد اجتماعاً منفرداً مع «أبو مازن» لمدّة ساعة. وبحسب ما علمته «الأخبار»، من مصادر في السلطة، فإن عباس أعرب لبايدن عن استغرابه من «التعامل بهذه الطريقة معه، إذ لم يفِ الرئيس الأميركي بتعهّداته لبناء الثقة مع الفلسطينيين، وخاصة عبر إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، ورفع منظّمة التحرير من قائمة الإرهاب الأميركية». وأضافت المصادر أن «بايدن أكد لعباس، في المقابل، أنه يواصل جهوده لدعم السلطة خلال الفترتَين الحالية والمقبلة، وأن هذا الأمر يخضع للحوار المتواصل بين واشنطن ورام الله».وفي السياق نفسه، جدّد عباس القول، عقب لقائه بايدن، إن «تحقيق هدف السلام يكون بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية»، محذّراً من أن «حلّ الدولتَين على هذا الأساس قد يكون متاحاً اليوم فقط، ولا ندري ما قد يحصل في المستقبل»، داعياً إلى وقْف «التمييز العنصري والاستيطان وعنف المستوطنين ضدّ الفلسطينيين». وكرّر مطالبته بـ«إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، ورفْع منظمة التحرير من قائمة الإرهاب»، مشدّداً على ضرورة محاسبة قتَلة الشهيدة شيرين أبو عاقلة، الأمر الذي عقّب عليه الرئيس الأميركي بالقول إن «شيرين أبو عاقلة، وهي فلسطينية ومواطنة أميركية، قُتلت بينما كانت تقوم بدورها في إعلام مستقلّ، الولايات المتحدة ستقوم بدورها من أجل دعم تحقيق مستقلّ في مقتلها». وفي الوقت الذي أعاد فيه بايدن تأكيد التزامه بـ«حلّ الدولتين الذي يشمل قيام دولة فلسطينية مستقلّة ذات سيادة ومتّصلة جغرافياً»، إلّا أنه استدرك بأن «هذا الهدف قد يبدو بعيد المنال بسبب القيود التي تُفرض على الفلسطينيين». وبينما جدّد عباس «مدّ يده إلى إسرائيل لتحقيق سلام الشجعان واستكمال ما تمّ التوصّل إليه في اتفاقية أوسلو»، دعا بايدن إلى «عدم جعل اليأس والقنوط يصوغ المستقبل، حتى وإن لم تكن الأرضية جاهزة لبثّ الروح في المفاوضات»، مؤكداً «(أننا) نحاول إعادة الزخم إلى مسار السلام ووضع حدّ للعنف». وفي ما يتعلّق بمدينة القدس المحتلة، أشار «أبو مازن» إلى «مركزيتها في الرؤيتَين الفلسطينية والإسرائيلية لتكون مدينة لكلّ من يعيش فيها، مع أهمية الوصاية الأردنية عليها».
أعلن بايدن توفير تمويل بـ200 مليون دولار إضافية لـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين»


من جهة أخرى، أعلن بايدن توفير تمويل بـ200 مليون دولار إضافية لـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (أونروا) لـ«مواصلة دورها الحاسم». وكان الرئيس الأميركي زار، قُبيل تَوجّهه إلى بيت لحم، مستشفى «المطلع» الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة من دون مرافقة مسؤولين من حكومة الاحتلال الإسرائيلي، حيث جال على أقسامه المستشفى، وأعلن تقديم معونة للمستشفيات الفلسطينية بقيمة 100 مليون دولار. وفي الإطار نفسه، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أن إدارة «المطلع» طلبت من المرضى وأعضاء الطواقم الطبّية الذين لديهم «خلفية أمنية» عدم الحضور إلى المستشفى يوم الجمعة. ومصطلح «خلفية أمنية» تستخدمه وسائل الإعلام العبرية عادة، للدلالة على الفلسطينيين الذين يشاركون في أعمال مقاومة للاحتلال. وبحسب الصحيفة نفسها، فإن عدداً كبيراً من الممرّضين منحتهم الإدارة إجازة لمدّة يوم كامل، خصوصاً أولئك الذين اعتقلهم الاحتلال سابقاً أو لديهم أقارب قيد الاعتقال أو جرى اعتقالهم في أوقات سابقة. ووفقاً لممرّض يعمل في المستشفى، فإن أفراد الأمن الأميركيين سألوا عن الموظفين الذين لديهم أو لدى معارفهم أو أقاربهم «سجل أمني»، وطلبوا عدم تواجدهم أثناء زيارة بايدن.