صنعاء | أدرجت السعودية، الأسبوع الماضي، ثماني شخصيات يمنية، شملت زعماء قبائل ورجال أعمال، و11 كياناً يمنياً، في قوائم الإرهاب، بتهمة دعم حركة «أنصار الله». إعلانٌ بيّن إصرار الرياض على تضييق الخناق على شركات عاملة في مجال استيراد المشتقّات النفطية، إلى جانب شركات صرافة لا علاقة لها بالصراع، بهدف تصفية حساباتها مع زعماء قَبَليّين خالفوا توجُّهها منذ بدء العدوان على اليمن. واستندت قائمة الرياض، إلى تقارير صادرة عن مبادرات إعلامية مدعومة من قِبَل سفيرها لدى اليمن، محمد آل جابر، وشملت جهات تجارية وأخرى استثمارية متوقّفة عن العمل منذ سنوات، وأسماء زعماء قبائل تقطن الحدود السعودية - اليمنية، ولها علاقات واسعة مع قبائل جنوبي المملكة. وفي هذا الإطار، اعتبرت مصادر سياسية، في حديث إلى «الأخبار»، أن ما جرى يُعدّ «استهدافاً ممنهجاً» خلفيّته موقف تلك القبائل الرافض لمشروع بناء الجدار الحديدي على امتداد الحدود بين البلدين، والذي حال دون توغّل القوات السعودية داخل أراضيها خلال مرحلة ما قبل العدوان والحصار، بالإضافة إلى ارتباط هذه القبائل بأخرى في الأراضي السعودية. وعمدت الرياض إلى إيجاد ذرائع لفرض قيود جديدة على واردات المشتقّات النفطية القادمة إلى ميناء الحديدة، والتي لا تزال تخضع للاحتجاز، على رغم سريان الهدنة.
استندت السعودية على تقارير صادرة عن مبادرات إعلامية مدعومة من قِبَل سفيرها لدى اليمن (أ ف ب)

وضمّت القائمة المعلَنة من قِبَل جهاز أمن الدولة السعودي، أسماء قبليّين بارزين في محافظتَي صعدة والجوف الحدوديتَين، أبرزهم: الشيخ علي قرشة، الذي سبق له أن قاد وساطات متعدّدة لوقف العنف في محافظات صعدة وعمران والجوف؛ وشيخ قبائل وائلة، صالح بن شاجع، الذي اتهمته بـ«الارتباط بالتنظيمات الإرهابية»، علماً أن له ارتباطات بقطر منذ أكثر من عقد. هذا الاتهام قوبل بردّ فعل غاضب من جانب القبائل الحدودية اليمنية التي اعتبرت ما حصل «استهدافاً»، واتهمت الرياض بـ«تصفية حسابات مع الرَجل، بسبب رفضه إملاءات وإغراءات ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عام 2015». وسارعت قبيلة وائلة إلى إصدار بيان أكدت فيه للقبائل السعودية التي تربطها بها علاقات أُسرية، أن الاتهامات التي طالت بن شاجع «عارية من الصحة وتفتقر إلى المصداقية»، وتهدف إلى «تمزيق النسيج الاجتماعي بين قبائل اليمن والمملكة».
الاستهداف الجديد لقبائل الحدّ الجنوبي اليمنية، تزامن مع تصاعد هجمات حرس الحدود السعودي بشكل كبير ضدّ المناطق الحدودية، ويأتي أيضاً في إطار محاولات الرياض تهيئة المناطق الحدودية لإنشاء المنطقة العازلة على طول 20 كيلومتراً من الجانبين. وكانت السعودية قد استغلّت المواجهات العسكرية التي شهدتها جبهات الحدود، خلال السنوات الماضية، لطرد الكثير من سكان هذه المناطق، تحت ذريعة الحرب. وعلى رغم تراجع المواجهات، خلال العامين الماضيين، لم تسمح الرياض بعودة سكان القرى الحدودية التي ترغب في إبقائها خاليةً من السكان. ووفقاً لمصادر قبلية يمنية، فإن «استهداف عدد من زعماء القبائل الحدودية، يأتي في إطار المخطَّط السعودي الذي سبق لتلك القبائل أن أفشلته بين عامَي 2003 و2004، واقتلعت العلامات الحدودية في الجوف وصعدة»، مؤكدة أن القبائل «ستُفشِل أيّ محاولة لإنشاء منطقة عازلة بنفس القوّة التي واجهت فيها محاولات إنشاء الجدار الحدودي العازل في السابق».
تريد الرياض تهيئة المنطقة الحدودية لإنشاء منطقة عازلة على طول 20 كيلومتراً


ومِن بين الكيانات الواردة في القائمة السعودية: «مؤسسة الزهراء للتجارة والتوكيلات» التي ورد ذكرها في تقارير صدرت عن منظّمات مدعومة من قِبَل السفير السعودي لدى اليمن، إذ يقول جهاز أمن الدولة إنها تعمل على تسهيل تهريب الأموال والنفط لمصلحة «أنصار الله»، وشركة «فيول أويل» لاستيراد المشتقّات النفطية، وشركتا «سلم رود» للتجارة والاستيراد، و«أويل برايمر»، و«سام أويل» للتجارة والخدمات النفطية، و«أبكر» للخدمات النفطية التي زعم جهاز أمن الدولة بأنها تساهم في تهريب النفط الإيراني لـ«أنصار الله». واعتبرت المصادر السياسية هذا الاتهام «ذريعة جديدة» لتشديد «التحالف» القيود على واردات المشتقات النفطية القادمة إلى ميناء الحديدة، و«مؤشراً على الانقلاب على الهدنة» تحت ذرائع عدّة، أبرزها: «محاربة تهريب النفط الإيراني لليمن».