دخل رئيس الحكومة الليبية الموازية، فتحي باشاغا، إلى العاصمة طرابلس بشكل مفاجئ، في محاولة للضغط على رئيس حكومة «الوحدة» المُقال من البرلمان، عبد الحميد الدبيبة. لكن «الزيارة» لم تستغرق سوى ساعات قليلة، بعدما اضطر باشاغا إلى الانسحاب، بمساعدة «كتيبة النواصي» التي كانت مؤيّدة للدبيبة، لتجنُّب تصاعد الاشتباكات العسكرية. وهدف رئيس الحكومة الموازية من وراء خطوته هذه، إلى الضغط على خصمه من أجل تسليم السلطة، وإلى التأكيد على نفوذه في أوساط الميليشيات المسلّحة التي حمت وجوده في طرابلس. وجاءت الزيارة المختصرة، مع قرار مسبق بالانسحاب منتصف ليل الثلاثاء، لإحداث إرباك أمني، لا سيما في ظلّ وجود عدد كبير من القوات التي لم تكن مستعدّة للتعامل مع هذا التحرّك، وهو ما جعلها تستغرق عدّة ساعات كان باشاغا قد أنهى فيها استعراضه وغادر المدينة. وأعلن المكتب الإعلامي لباشاغا أن قراره بالمغادرة جاء «حقناً للدماء ولتجنّب وقوع قتلى وجرحى في الاشتباكات المسلّحة التي وقعت بين الميليشيات، واستمرّت حتى ظهر يوم أمس وسط إطلاق كثيف للنيران». ورافق باشاغا في زيارته، قوات تأمين تابعة للجيش الليبي وقوات من اللواء «444 قتال» التابع للمنطقة العسكرية في العاصمة، في خطوة تعكس انقساماً عسكرياً داخل طرابلس.وفور التأكّد من مغادرة باشاغا العاصمة، أصدر الدبيبة قراراً بالسيطرة على المقرّات التابعة لـ«كتيبة النواصي»، كما بدأ يعيد النظر في خطّة تأمين طرابلس لمنع تكرار مثل هذه الزيارات، فيما استدعى مسؤولين من اللواء «444 قتال» الذين أمّنوا خروج باشاغا من طرابلس. لكن هؤلاء أكدوا رغبتهم في إنهاء الاضطراب الذي حدث على المستوى الأمني، وكاد يتسبّب في حمام من الدم.
جاءت تحرّكات باشاغا في طرابلس بالتزامن مع المحادثات الدستورية الجارية في القاهرة


وإزاء التصعيد بين باشاغا والدبيبة، لم تكن هناك مواقف دولية أو داخلية حاسمة؛ ففيما اكتفى رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، بالمطالبة بوقف الاشتباكات، تحدّثت المستشارة الأممية في شأن ليبيا، ستيفاني وليامز، عن ضرورة الحفاظ على الهدوء على الأرض وحماية المدنيين، وسط مطالبات مصرية أميركية بـ«ضبط النفس والامتناع عن العنف». وجاءت تحرّكات باشاغا في طرابلس بالتزامن مع المحادثات الدستورية الجارية في القاهرة بين أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة من أجل التوافق على قاعدة دستورية تفضي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية في إطار زمني واقعي، وهو ما لا يزال بعيد المنال في ظلّ عدم التوافق على النقاط الأساسية حتى اليوم الثالث من الاجتماعات التي عُقدت جولتها الأولى الشهر الماضي.