أوحت المؤشّرات بأن التنظيم بدأ بإعادة ترتيب صفوفه ووضع هيكلية جديدة للعمل
فضلاً عمّا تقدَّم، دعا المهاجر إلى استغلال «الفرصة المتاحة»، قائلاً إن «أوروبا على صفيح ساخن»، في إشارة إلى استئناف شنّ عمليات في القارة العجوز. ومن الواضح أنّ «داعش»، يريد من التهديد بعمليات جديدة لعناصره، إظهار تمكّنه من استعادة جزءٍ من قدراته الأمنية والعسكرية، للتأكيد على تمسّكه بفكره ومواصلة أهدافه الرامية للوصول إلى أوروبا، ومختلف البقاع الأخرى. كما أن تنفيذ التنظيم عدداً من الهجمات في سوريا والعراق، هو لإبراز نجاحه في توسيع رقعة وجوده الأمني، على الأقل، في البلدين، وقدرته في مرحلة لاحقة، على استعادة قوّته تدريجياً، وصولاً إلى مرحلة شنّ هجمات تهدف إلى السيطرة العسكرية على الأرض. بموازاة ذلك، عاد التنظيم إلى استخدام أسلوب الترهيب والتهويل، عبر الإعلان عن استهداف قاعدة «التحالف الدولي» في حقل العمر بعدد من الصواريخ، للإشارة إلى أن الثأر وصل إلى الأميركيين. إلّا أن هذا الأمر مخالفٌ للواقع، ذلك أنه كان عبارة عن هجوم بالأسلحة الرشاشة على حاجز تابع لـ«قسد» بالقرب من حقل العمر.
وداعاً لـ«الذئب المنفرد»؟
وكان «داعش»، بعد الإعلان عن هزيمته في عام 2019 في سوريا والعراق، قد اعتمد استراتيجية «الذئاب المنفردة»، والقائمة على إعطاء حرية القرار لعناصره منفردين، ليقوموا بنشاطٍ أمني أو عسكري، عبر أوامر يتلقّونها من مسؤول المنطقة حيث يعملون. وعادة ما يتمّ تلقّي الأوامر عبر طريقتين: إمّا بشكل مباشر، أو من خلال رسائل على تطبيق «تلغرام»، وهو الوسيلة الأكثر شيوعاً لدى التنظيم. وقد اعتمد هذه الاستراتيجية في مناطق خارج سوريا والعراق، أمّا في هذين البلدين، فاعتمد استراتيجية «الخلايا»، عبر مجموعات يُراوح عددها بين ثلاثة إلى خمسة أشخاص، تتمّ إداراتها بطريقة لامركزية، وتقوم بعمليّاتها تبَعاً لظروف المنطقة التي تتواجد فيها كلّ خلية. لكن بعد اغتيال القرشي، وتعيين زعيم جديد للتنظيم»، أوحت المؤشّرات بأن «داعش» بدأ بإعادة ترتيب صفوفه، ووضْع هيكلية جديدة للعمل في الفترة المقبلة. وفي هذا السياق، تؤكّد مصادر أمنية، لـ«الأخبار»، أن «التنظيم نقل قيادة عملياته إلى إدلب، كأول قرارات مجلس الشورى التابع له، بعد حادثة اغتيال قرداش». ولفتت المصادر إلى أن «قرار نقل الغرفة إلى إدلب، يعود إلى نجاح أبرز قادة الصف الأوّل في الفرار من سجن الثانوية الصناعية، والوصول إلى إدلب»، موضحة أن «معظم مجلس الشورى باتوا في إدلب، بمَن في ذلك المسؤولَان الأمني والعسكري». من جهة أخرى، أشارت المصادر إلى أن «التنظيم عاد إلى مرحلة مركزية القرار، عبر إصدار أوامر إلى كل القطاعات، وما تُسمّى الولايات، بعدم القيام بأيّ عمل من دون تلقّي أوامر من القيادة».
وأعادت المصادر اختيار إدلب إلى «استمرار وجود الغطاء التركي للتنظيم، بدليل مقتل زعيمَيه السابقَين هناك، ولوجود ارتباط إيديولوجي مع عدد من التنظيمات المسلّحة، ما يُعتبر بيئة خصبة لاستعادة نشاطه، وإعادة إنتاج نفسه انطلاقاً من هناك». وكشفت هذه المصادر أن «قيادة داعش أعادت تقسيم القطاعات، بحسب الأهمية، مع تحديد قطاع البادية الممتدّ من شرق مدينة البوكمال وصولاً إلى جبال القلمون وريف مدينة حمص، على أنّه القطاع الأهم». أما بقية القطاعات، فأوضحت المصادر أنها «ما يُسمّى ولاية البركة في الحسكة، ومركزها الأساسي في بادية الروضة جنوب شرق مدينة الشدادي، وقطاع ولاية الرقة ومركزه الأساسي في منطقة المزارع الممتدّة من غرب مدينة الرقة وصولاً إلى مدينة الطبقة»، مضيفة أن «هذا القطاع هو المسؤول، بالتعاون مع قطاع البادية، عن غالبية العمليات التي يقوم بها تنظيم داعش ضدّ الجيش السوري، في مدينة الرقة والبادية».