يدعو مشروع الميثاق إلى إلغاء الوثيقة الدستورية ومراجعة جميع الاتفاقيات المبرمة والمراسيم الصادرة منذ صدورها
ويكشف عضو "لجان المقاومة" في مدينة بحري شمال الخرطوم، عقيل أحمد، أن مشروع الميثاق خضع لعمليات تنقيح ومراجعة استمرّت على مدى خمسة أشهر قبل إعلانه، لافتاً إلى أن فكرة العمل عليه برزت منذ ما قبل الانقلاب الأخير. ويوضح أحمد، في حديث إلى "الأخبار"، أنه جرى، ابتداءً، طرح مسودة الميثاق على اللجان القاعدية في جميع مدن ولاية الخرطوم لإبداء ملاحظاتها عليها خلال أسبوع، ومن ثمّ رُفعت المقترحات والملاحظات عبر ممثّلي اللجان إلى التنسيقيات، التي نظّمت بدورها ورش عمل لمناقشة التعديلات، قبل أن تعيد رفع المشروع إلى اللجان القاعدية. وبعد إجازة التعديلات من قِبَل الأخيرة، تمّت طباعة النسخة النهائية التي خرجت إلى العلن في 28 شباط الماضي. وفي المضمون، لا يلحظ الخبير القانوني، سيف الدولة حمدنا الله، مآخذ جوهرية على المشروع، عادّاً إياه "صالحاً للبناء عليه وتجويده"، مستدركاً بـ"(أنني) لاحظت قصوراً في صياغة بند العدالة الانتقالية، حيث لم يجرِ النصّ على إعادة بناء الأجهزة التي تتولّى تنفيذ العدالة، مثل القضاء والنيابة والشرطة".
ويدعو الميثاق إلى وضع دستور انتقالي لتحقيق أهداف "الثورة" في فترة زمنية حُدِّدت بالعامين، على أن تُشكَّل هياكل الحكم تحت إشراف ورقابة "لجان المقاومة" والقوى الموقِّعة على الميثاق. أما مهمة استلام السلطة من الانقلابيين وتسيير المهام السيادية إلى حين إجازة الدستور الانتقالي عبر المجلس التشريعي، فقد أوكلت إلى رئيس وزراء يتمّ اختياره من كفاءات وطنية مستقلّة منحازة إلى "الثورة"، وذلك بالتوافق بين القوى الموقِّعة. أمّا بخصوص المنظومة العسكرية في البلاد، فقد تمّ إلغاء منصب القائد العام، على أن يكون القائد الأعلى للقوات المسلحة هو رئيس الوزراء، وتقوم علاقته بها عبر وزارة الدفاع التي تُعدّ المسؤولة الأولى عن تنفيذ سياسة الدفاع الوطنية والإشراف على إدارة ميزانية القوات المسلحة. كما يدعو المشروع إلى إعادة هيكلة القوات المسلحة وتكوين جيش مهني وطني يقوم بحماية الشعب والدستور.
ويرى مراقبون في الإعلان عن مشروع الميثاق خطوة في الاتجاه الصحيح، كونه ينقل "لجان المقاومة" من "الفعل الثوري" إلى الفعل السياسي، بعدما قادت الحراك في الشارع منذ إطاحة البشير، وظلّت الحارس لمكتسبات الانتفاضة، إلى أن برز نجمها بوضوح عقب انقلاب عبد الفتاح البرهان. ولعلّ فشل النخبة السياسية والقوى المدنية، خلال الأشهر الأربعة التي أعقبت الانقلاب العسكري، في التوافق على رؤية سياسية جديدة والتوحّد بهدف إسقاط الحكم العسكري، جعل مشروع "لجان المقاومة" يلقى ترحيباً على المستويَين الشعبي والحزبي. وفي هذا المجال، رحّب "الحزب الشيوعي" بالمشروع، معتبراً أنه جاء في وقت حاسم يتطلّب "توحيد القوى الثورية التي تتبنّى مشروع التغيير، لقطع الطريق على أيّ تسوية أو شرعنة للانقلاب أو شراكة معه". وأعلن الحزب أنه سيقوم بدراسة المشروع وإبداء الرأي حوله في القريب العاجل.