القاهرة | خلال المباريات الأربع الأخيرة للمنتخَب المصري في بطولة كأس الأمم الأفريقية، أقلعت رحلات طيران "شارتر" من مصر إلى الكاميرون، بتنظيمٍ من جهات شبه رسمية تخضع أموالها لرقابة سيادية. وبدأت الرحلات بأعداد محدودة، إلى أن وصلت إلى ذروتها مع نهائي كأس الأمم، مساء أول من أمس. وعلى رغم أن الواحدة منها لم تستغرق أكثر من 24 ساعة، ما بين مغادرة المشجّعين وعودتهم، إلّا أن الأمر لم يخلُ من فساد ممنهج، يُنتظر ما إذا كان سينتهي بمحاسبة المسؤولين عنه في الأيام المقبلة، أو سيُسوّى كما غيره من القضايا. وبحسب مصادر مطّلعة تحدّثت إلى "الأخبار"، فإن تنظيم الرحلات تولّته وزارات حصلت على دعمٍ مباشر من أجل ذلك، أو شركات تملكها المخابرات، وتدير المشهد الإعلامي. ودفع هذا الأمر العديد من المشجّعين إلى السفر، بداية من موظّفي الأمن الذين تمّ إدراج أسمائهم مجامَلةً ضمن قوائم بعض المسؤولين، وصولاً إلى الإعلاميين ونواب البرلمان الذين سافروا أكثر من مرّة، على رغم التوجيهات بضرورة إتاحة الفرصة أمام أكبر عدد من الجماهير. وكشفت المصادر أن "حالة الفوضى التي طغت على عملية تنظيم الرحلات، وخصوصاً خلال المباراة النهائية، دفعت إلى إجراء تحقيقات داخلية، مرتبطة بأسماء المسافرين وكشوفهم، بالإضافة إلى صلة القرابة بينهم وبين العاملين في المؤسّسات التابعة للمخابرات".
كذلك، أُثير الجدل حول عمليات نصْب طالت العشرات ممّن دفعوا أموالاً مقابل السفر، في وقت نُظّمت فيه الرحلات بشكل مجاني عبر رعاة الشركات، وأيضاً عبر بعض رجال الأعمال الذين اضطرّوا إلى الاستجابة لضغوطٍ من أجل تمويل المبادرة. وفي هذا السياق، لفتت المصادر إلى أن رحلات الطيران التي نُظّمت عبر شركة "مصر للطيران" كلّفت ملايين الدولارات من دون عائد مادي منها، بينما لم تقدّم الشركة أيّ تسهيلات للراغبين في السفر على حسابهم الشخصي، عازية الأمر إلى المخاطر الأمنية. وأضافت المصادر أن "عدداً من مسؤولي الشركة سيحاسَبون، بسبب دعوات مجّانية وصلت إلى نوّاب مجلس الشعب وأبنائهم، وأبناء رجال الأعمال".
ولكن يبقى اللافت، وسط كلّ ذلك، أن عدداً من المشاهير كانوا ضمن عِداد المسافرين، الأمر الذي أثار نقمة في الشارع المصري، وخصوصاً أن هؤلاء ليسوا بحاجة للحصول على تذاكر مجانية. وفي حين جرى الاختيار عشوائياً من بين طلاب الجامعات، بناءً على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، اضطُرّت وزارة التعليم العالي إلى اصطحاب الصحافيين المكلَّفين بمتابعة أخبارها، لتجنُّب انتقادات كانت قد بدأت بالظهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بشأن الانتقائية في اعتماد المسافرين من الطلّاب، واستبعاد بعضهم لأسباب أمنية.