غزة | قبل أيّام من موعد عقْد جلسة المجلس المركزي لـ«منظّمة التحرير الفلسطينية»، كثّفت حركة «فتح» ضغوطها على الفصائل الصغيرة لدفْعها إلى المشاركة الشكلية في الجلسة، باستخدام أساليب متنوّعة ما بين الضغط الأمني، والتهديد على المستويَين الاجتماعي والاقتصادي، في وقت تخشى فيه من إحجام «الجبهة الديموقراطية» و«المبادرة الوطنية» عن المشاركة، ما يعني مقاطعة شبه جماعية للمجلس. وبحسب ما علمت «الأخبار» من مصادر «فتحاوية»، فقد صدرت أوامر من الرئيس محمود عباس إلى اللجنة المركزية للحركة، وجهاز المخابرات العامة التابع للسلطة، بتصعيد الضغوط على قيادات تلك الفصائل، سواءً بالترغيب أو الترهيب، في حال تعنّتها في رفْض حضور المجلس. وحتى الآن، ستُشارك في الجلسة حركة «فتح»، ومعها فصائل هامشية هي «جبهة النضال الشعبي» التي يرأسها أحمد مجدلاني، و«جبهة التحرير الفلسطينية»، و«الاتحاد الفلسطيني الديموقراطي - فدا»، بالإضافة إلى «حزب الشعب الفلسطيني»، الذي لم يُعلن موقفه حتى اللحظة، لكن ثمّة توقّعات بقبوله، نظراً إلى التهديدات التي يتعرّض لها من قِبَل المسؤولين الأمنيين.
تعتبر الفصائل المقاطِعة أن عقْد المجلس يستهدف تمرير تعيينات وفقاً للرؤية الإسرائيلية

وبينما لم تُعلن «المبادرة الوطنية»، بقيادة مصطفى البرغوثي، موقفها حتى الآن، مُعلِنةً أنه لم يتمّ التشاور معها بهذا الخصوص، تتّجه الأنظار إلى «الجبهة الديموقراطية» التي في حال قاطعت الاجتماع، إلى جانب «الجبهة الشعبية»، ستضع «فتح» في حرج كبير، على اعتبار أن جميع الفصائل المشارِكة غير ذات تمثيل حقيقي، سواءً في الداخل أو الخارج، وهو ما سيعزّز الاتهامات المُوجَّهة إلى الحركة بالتفرّد بـ«منظّمة التحرير»، وجلْب الآخرين كشهود زور لتمرير قراراتها. ولذا، تمارس «فتح» ضغوطاً على «الديموقراطية» لدفْعها إلى المشاركة؛ إذ عقد مسؤولون في اللجنة المركزية للأولى، خلال الأيام الماضية، لقاءات مع عضو المكتب السياسي للثانية، تيسير خالد، وعرضوا عليه الحصول على مناصب جديدة في المنظّمة، مقابل الإحجام عن المقاطعة. ومن بين تلك العروضات تولّي منصب نائب رئيس المجلس الوطني، في ظلّ مقاطعة «الشعبية» التي كانت تشغل هذا المنصب، بالإضافة إلى عودة دائرة المغتربين إلى تيسير خالد، بعدما انتزعها منه رئيس المنظّمة، محمود عباس، في عام 2018، وكلّف بها القيادي «الفتحاوي»، نبيل شعث، بشكل مؤقّت. لكن عضو المكتب السياسي لـ«الديموقراطية»، طلال أبو ظريفة، أعلن أن «الجبهة لم تقرّر بعد المشاركة»، مضيفاً أنها «ستُحدد موقفها بعد عدّة حوارات ولقاءات ستُجريها على الصعيد الداخلي». وتجد «الديموقراطية» نفسها أمام رفْض من قواعدها لاتّخاذها من قِبَل فريق عباس كشاهد زور على تنصيب حسين الشيخ وروحي فتوح في قيادة «منظّمة التحرير»، خصوصاً في وقت بات يُنظَر فيه إلى الشيخ على أنه خيار إسرائيل لخلافة عباس. وفي المقابل، يرى آخرون داخل الجبهة أن المقاطعة ستضيّع فرصة حقيقية للضغط على «فتح»، لإنهاء الانقسام وإعادة ترتيب المنظّمة بعيداً عن حالة التفرّد، كما من شأنها تهميش «الديموقراطية»، الأمر الذي سينعكس على مكانتها شعبياً وسياسياً.
ومن المقرّر أن ينتخب المجلس المركزي أعضاءً في اللجنة التنفيذية لـ«منظّمة التحرير»، خلَفاً لشخصيات توفّيت أو استقالت، ورئيساً جديداً للمجلس الوطني، بدلاً من سليم الزعنون، الذي قدّم استقالته أخيراً. لكن الفصائل الرافضة للمشاركة (وهي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» و«الجبهة الشعبية – القيادة العامة»، بالإضافة إلى فصائل المقاومة في قطاع غزة)، تَعتبر أن عقْد المجلس قبل إتمام المصالحة الفلسطينية، يأتي بناءً على رغبة «فتحاوية» في تمرير تعيينات وفق الرؤية الإسرائيلية.