غزة | في الوقت الذي أحجمت فيه دولة الاحتلال عن الردّ على الصاروخ الذي أُطلق من قطاع غزة على مستوطنة «سيدروت» شمال القطاع أوّل من أمس، قرّرت إعادة الوضع على معابر غزة إلى ما كان عليه قبل العدوان الأخير، وذلك تزامناً مع تهديدات المقاومة ورسائلها إلى الوسطاء بنيّتها تصعيد الأوضاع من أجل إرغام العدو على العودة إلى تفاهمات التهدئة. وأعلنت «اللجنة الرئاسية لتنسيق إدخال البضائع إلى قطاع غزة»، أمس، أن السلطات الإسرائيلية أبلغتها رسمياً بالسماح باستيراد السلع وتصديرها، بدءاً من يوم الخميس المقبل، بشكل أوسع. ولأوّل مرّة، سيتمّ السماح بدخول مواد البناء للقطاع الخاص، على أن يقتصر استخدامها على المشاريع الإنسانية فقط، بحسب «لجنة إدخال البضائع» التي أوضحت أن الاحتلال رفع الحظر، أيضاً، عن دخول أجهزة الاتصالات للقطاع الخاص، باستثناء الأجهزة والمعدّات الخاصة بالبنية التحتية للاتصالات. وفيما ذكرت قناة «كان» العبرية أنه لأوّل مرّة منذ عملية «حارس الأسوار»، سمحت السلطات الإسرائيلية بإدخال 10 شاحنات تحمل إطارات ومحرّكات إلى غزة، فيما أعلنت «هيئة الشؤون المدنية» في القطاع أن الاحتلال سلّمها، صباح أمس، 1800 تصريح لتجّار فلسطينيين لدخول الأراضي المحتلة.
جرت اتّصالات مكثّفة خلال اليومين الماضيين بين المقاومة الفلسطينية والوسطاء

في هذا الوقت، وعلى غير المتوقّع، لم تردّ دولة الاحتلال على القصف الصاروخي الأخير من غزة، والذي جاء، بحسب الجيش الإسرائيلي، ردّاً على اغتيال عدد من المقاومين في مدينة جنين في الضفة المحتلة. ومع تعالي الأصوات التي تتّهم رئيس الوزراء الحالي، نفتالي بينت، بالتراجع عن تعهّداته السابقة في ما يتعلّق بالقطاع، تَوجّه رئيس بلدية «سديروت»، ألون ديفيدي، إلى بينت بالقول: «أُذكّرك بالوعد الذي قطعته بأن سكّان غلاف غزة لن يعانوا مجدّداً من تنقيط الصواريخ، لكن للأسف، خلافاً للردود السابقة على إطلاق البالونات، اختارت الحكومة هذه المرّة عدم الردّ على إطلاق الصواريخ». وعلى رغم إحجام العدو عن الردّ، لا تزال فصائل المقاومة ترفع درجات التأهّب لديها، وذلك تحسّباً لأيّ غدر إسرائيلي خلال الأيام المقبلة. وفي الانتظار، عقد بينت، أمس، اجتماعاً في مقرّ قيادة "فرقة غزة"، حيث أكد أن "هدفنا هو توفير الأمان لسكّان الجنوب وغلاف غزة على المدى البعيد"، مستدركاً بـ"(أننا) سنعمل في الوقت والمكان المناسبَين، وفي الظروف المناسبة لنا وليس لأيّ طرف آخر"، مضيفاً أن "إسرائيل وجيشها على أهبة الاستعداد لمواجهة جميع السيناريوات". من جهته، قال غانتس، الذي أجرى جولة مع رئيس الوزراء، ورئيس الأركان أفيف كوخافي، وقائد "القيادة الجنوبية" اللواء أليعازر توليدانو، ومنسّق عمليات الحكومة اللواء غسان عليان، في "فرقة غزة"، "(إننا) نحتفظ بحق العمل والردّ في المكان والزمان اللذين نحدّدهما، وسنفعل ذلك كما يجب"، لافتاً إلى أنه "لا مصلحة لنا في غزة سوى الهدوء الأمني، وإعادة الأسرى إلى بيوتهم".
بالتوازي مع ذلك، ذكرت مصادر مطّلعة، لـ«الأخبار»، أن اتّصالات مكثّفة جرت خلال اليومين الماضيين بين المقاومة الفلسطينية والوسطاء. وبحسب المصادر، فإن الفلسطينيين أصرّوا في تلك الاتصالات على ضرورة إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل معركة «سيف القدس»، خاصة في ما يتعلّق بالمعابر، والمنحة القطرية، والسماح بدخول مواد البناء لبدء عملية الإعمار، فيما أبلغت دولة الاحتلال الوسطاء، أنها سمحت بإدخال مستلزمات القطاع، بما يشمل الأموال القطرية التي جرى توقيع اتفاق جديد بشأنها. لكن الفصائل حذّرت من أنه لم يبدأ دخول الأموال ومواد البناء بالفعل، فإن عمليات الضغط على العدو ستتواصل، كما سيتمّ الردّ على أيّ ردود إسرائيلية بمختلف الأدوات المتاحة. في المقابل، طلب المصريون من الفصائل عدم إعلاء سقف التصعيد، وإتاحة الفرصة لتنفيذ «الوعود» الإسرائيلية.