يحاكَم البشير أمام محاكم سودانية منذ الإطاحة به نهاية عام 2019
لكن بحسب مصادر مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار» فإنّ الخلاف بين المكوّنَين المدني والعسكري حول القضية، لا يزال قائماً. إذ إن الأخير لا يزال رافضاً إمضاء عملية التسليم، على اعتبار أن البشير «كان رمزاً للسيادة في وقت من الأوقات، كما أن انتماء الرجل إلى المؤسّسة العسكرية يمنع العساكر الموجودين في قمّة الهرم السيادي في البلاد من اتّخاذ قرار تسليم القائد الأعلى للجيش، وإن حمل صفة قائد سابق، إلى المحكمة الجنائية الدولية». في المقابل، يرى المكوّن المدني، الذي يتبنّى الانفتاح نحو ما يُسمّى «المجتمع الدولي»، «أهمية الالتزام بالشرعية الدولية والقانون الدولي، وتحقيق العدالة، وتطبيق مبدأ الديمقراطية». والظاهر أن هذا الخلاف هو الذي تسّبب في تأخير التئام الاجتماع المشترك بين مجلس الوزراء و«مجلس السيادة»، لإجازة قرار التسليم. ذلك أن الوثيقة الدستورية - التي تحكم الفترة الانتقالية - تنصّ على اجتماع المجلسَين المذكورَين لإجازة القرارت في حال غياب المجلس التشريعي. وفي هذا الإطار، أشار رئيس الحكومة، عبد الله حمدوك، أول من أمس، إلى أن قرار تسليم المطلوبين بحاجة إلى موافقة من الحكومة «والسيادي»، وهو ما «لم يتمّ بعد». إزاء ذلك، لا تستبعد المصادر أن توافق الحكومة على مقترح محاكمة البشير في الخرطوم، كمخرج للأزمة بين المدنيين والعسكريين. كما لا تستبعد تبنّي مقترح محاكمة معاوني الرئيس المخلوع في لاهاي، واستثنائه هو ومحاكمته في الخرطوم. لكن إذا صحّت توقّعات محلّلين بإمكانية استعانة مجلس الوزراء بما يُسمّى «المجتمع الدولي» للضغط على المكوّن العسكري، ودفعه إلى الموافقة على تسليم البشير، فقد يتبدّل موقف العسكر، خصوصاً إذا ما عُرض عليهم ثمن «مغرٍ»، في تكرار للسيناريو الذي تمّ تطبيقه في عملية تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
يُذكَر أن البشير، الذي أطيح به نهاية عام 2019، يحاكَم أمام محاكم سودانية مذّاك، بتهمة القيام بانقلاب عسكري على النظام الديموقراطي في عام 1989، فيما يعارض مناصروه بشدّة قرار تسليمه إلى «الجنائية الدولية». ويبدو أن من بين العوامل التي لا تزال تتحسّب لها الحكومة قبل إجازة القرار بصورته النهائية، ردّة الفعل العنيفة المتوقّعة من الإسلاميين، خاصة أن أغلب العناصر المنتسبين إلى حزب البشير المحلول، ينتمون إلى الأجهزة النظامية، كما تلقّى معظهم تدريبات على استخدام الأسلحة، ما يجعل احتمال المواجهة المسلّحة أمراً غير مستبعد.