مقالات مرتبطة
من هنا، يُفهَم التحوّل في موقف رئيس الحكومة الحالية، نفتالي بينت، الذي هو أكثر تطرّفاً من سلفه الذي صدرت في عهده قرارات التضييق على رام الله. فبينت هو زعيم حزب يميني متطرّف، يكافح لإبقاء الضفة الغربية، من دون أيّ استثناء، تحت السيادة الإسرائيلية. وحتى الأمس القريب، كان ينادي بضرورة إسقاط السلطة ورئيسها. كما أنه شغل في الماضي منصب رئيس «مجلس يشع للمستوطنات». ومن المفترض أن تردّي وضع رام الله يمثّل هدفاً استراتيجياً بالنسبة إليه، عليه أن يرحّب به، كونه تَحقّق وهو على رأس الحكومة في تل أبيب. مع هذا، يدقّ بينت جرس الإنذار، ويستنفر أجهزته الأمنية من أجل هدف أسمى من كلّ ما كان ينادي به: إنقاذ السلطة ومنع انهيارها. ما الذي يدفع اليمين المتطرّف إلى مساعدة رام الله؟ الإجابة واضحة: مصلحة إسرائيل وحفظ أمنها. فانهيار السلطة تهديد يتعذّر على الاحتلال احتواء سلبياته، ما يدفع بطبيعة الحال، حتى اليمين المتطرّف، إلى التحرّك من أجل مساعدتها. وذلك دليل كافٍ وكاشف، يظهر مكانة رام الله ودورها في منظومة الأمن الإسرائيلية.
ترأّس بينت مناقشات إسرائيلية بَيْنية تهدف إلى مساعدة السلطة ومنع انهيارها
بحسب صحيفة «هآرتس» العبرية، فإن اتصالات غير مباشرة، وصفتها بـ«المفاجئة»، حصلت في الأسابيع الأخيرة بين إسرائيل والولايات المتحدة والسلطة التي «بات وضعها الاقتصادي البائس يثير قلق الأميركيين والإسرائيليين؛ فعائداتها من الضرائب ومن المساعدات الخارجية آخذة في التراجع، وعجزها المالي يتزايد بسرعة، بل إن البنوك الفلسطينية نفسها باتت تخشى إقراضها المزيد من الأموال». وعلى هذه الخلفية، ترأّس بينت مناقشات إسرائيلية بَيْنية، تهدف إلى مساعدة السلطة ومنع انهيارها، عبر الدفْع بإجراءات سريعة لإنقاذها، من بينها تحريك مشاريع اقتصادية ومشاريع بنية تحتية في الضفة الغربية - طُلب من المسؤولين الأمنيين تحديدها -، من شأنها نسبياً إعادة التوازن المالي والاقتصادي، وتحسين القدرة على تشغيل الفلسطينيين. ووفقاً لما نقلته «هآرتس» عن جهات مطّلعة على المناقشات، يأتي كلّ ذلك نتيجة ما تصفه إسرائيل بـ«الإنذار الأحمر»: انخفاض شعبية السلطة. هذا الواقع، الذي يدركه عباس جيداً، كان بإمكانه أن يستغلّه لفرض إرادته وإن نسبياً على الاحتلال، واسترجاع جزء من حقوق فلسطينية لا يمكن استردادها عبر التوسّل، لكن حتى «أضعف الإيمان» يرفض عباس ممارسته أيضاً.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا