ردّت مصر والسودان، في توقيت متزامن، برفض الخطوة الإثيوبية الأحادية الجانب، والمتمثّلة في البدء بملء بحيرة «سدّ النهضة»، للعام الثاني على التوالي، وذلك في مخاطبة رسمية وصلت إلى وزراتَي الريّ في البلدين، من جانب وزير الريّ الإثيوبي، بعد أيام من بدء عملية الملء. واعتبر البلدان أن هذه الخطوة الأحادية تمثّل مخالفة صريحة لأحكام «اتفاق إعلان المبادئ»، المُبرم بين الدول الثلاث عام 2015، وانتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية الحاكمة لاستغلال موارد الأنهار العابرة للحدود.وناقش وزيرا خارجية مصر والسودان، سامح شكري، ومريم صادق المهدي، الخطوة الإثيوبية، خلال اجتماعهما في نيويورك، أمس، على هامش التنسيقات الجارية استباقاً لجلسة مجلس الأمن المقرّرة غداً. ورأى الوزيران أن الخطوة الإثيوبية تشكّل «تصعيداً خطيراً يكشف عن سوء نيّة أديس أبابا، ورغبتها في فرض الأمر الواقع على دولتَيْ المصبّ، وعدم اكتراثها بالآثار السلبية والأضرار التي قد تتعرّض لها مصالحهما»، بسبب الملء الأحادي لـ«سدّ النهضة». والتقى الوزير المصري مع مندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن، فيما تواصلت اللقاءات المشتركة بين المسؤولين المصريين والسودانيين، لتنسيق المواقف قبيل انعقاد جلسة المجلس، وسط تحرّكات لحثّ الدول الأعضاء على ضرورة تأييد التوصّل إلى اتفاق مُلزِم قانوناً في شأن ملء السدّ وتشغيله، بما يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوق دولتَيْ المصبّ. وأكّد شكري أنّ جميع الخيارات تبقى مفتوحة، مؤكداً أنّ المفاوضات لن تستمرّ إلى ما لا نهاية. ولم تحمل هذه التصريحات جديداً في المضمون، إلّا أنها تزامنت مع بدء حالة استنفار وحشد في الداخل المصري تجاه طمأنة الرأي العام في شأن الاستعداد لتداعيات الملء الثاني، وهو ما بدأ السودان أيضاً بتطبيقه داخلياً.
تسعى مصر والسودان إلى الخروج بتوصية من المجلس تضمن العودة إلى المفاوضات


وخلال الجلسة، سيطالب السودان بـ: منع أديس أبابا من القيام بتدابير أحادية الجانب، وتحويل دور اللجنة الرباعية إلى وسطاء بقيادة الاتحاد الأفريقي بدل دور المراقبين، ودعوة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى المساعدة في دفع التفاوض بين الدول الثلاث. ويأتي ذلك فيما تدفع القاهرة والخرطوم جميع الأطراف العرب إلى مساعدتهما، ومن بينهم «جامعة الدول العربية» و«البرلمان العربي»، الأمر الذي انتقده وزير الخارجية الإثيوبي، ديميكي ميكونن، في خطاب إلى مجلس الأمن، أشار فيه إلى أن المسألة لا تقع في نطاق اختصاص «الجامعة العربية». ورأت وزارة الخارجية الإثيوبية أن النهج الذي تتبعه الجامعة يهدّد بتقويض العلاقات الودّية والتعاونية بينها وبين الاتحاد الأفريقي، مشدّدة على أن الوساطة الأفريقية هي منصّة للتفاوض، للوصول إلى نتيجة ترضي الجميع. وطالبت الوزارة بتشجيع مصر والسودان على التقيّد بمبادئ القانون الدولي المنصوص عليها في شأن استخدام موارد مياه النيل.
وتسعى مصر والسودان إلى الخروج بتوصية من المجلس، تضمن العودة إلى المفاوضات وفق إطار زمني محدّد لا يزيد على ستة أشهر كحدّ أقصى، وهي خطوة تحتاج إلى موافقة تسعة من أصل 15 عضواً، مع عدم اعتراض أيّ من الدول الخمس الدائمة العضوية. وستكون المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي، على أن يقرّر المجلس ما يراه مناسباً في حال عدم التوصّل إلى نتائج، بينما ترى مصر أن إصدار المجلس قرارات إنفاذية تأسيساً على الفصل السابع أمرٌ لا يمكن تنفيذه، على الأقل خلال الفترة الحالية. ويأتي ذلك فيما ينظر مجلس الأمن في المسألة، في إطار تسوية النزاعات وفق الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.
من جهته، يطالب السودان بضرورة الحصول على وثائق تضمن سلامة وأمان «سدّ النهضة»، خصوصاً في ظلّ الحديث الإثيوبي المتكرّر عن توفير المعلومات، وهو ما نفى وزير الريّ السوداني حصوله، قبل ساعات من سفره إلى نيويورك، مؤكداً أن الخلافات تحتاج إلى إرادة سياسية للحلّ، مع عدم إقحام قضيّة تقاسم المياه في الحديث عن اتفاقات حول السدّ، لكونها لم تكن جزءاً من المفاوضات.