غزة | تحثّ القاهرة خطاها للدفع بمسار التهدئة قُدُماً ومنع تفجّر الأوضاع من جديد، عبر تسريع عجلة الإعمار من جهة، وترتيب البيت الفلسطيني الداخلي من جهة أخرى، في وقت تسعى فيه السلطة الفلسطينية للعودة إلى مربّع الحوارات القائم منذ ما قبل الحرب، الأمر الذي ترفضه حركة «حماس» التي تريد البدء في ترتيب «منظّمة التحرير». يأتي ذلك مع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية في القدس والضفة المحتلّتَين وفي أراضي الـ 48، وهو المشهد الذي تتعامل معه بعين المراقب ويد الضاغط على الزناد في حال تجاوز الخطوط الحمر التي وضعتها منذ بداية المواجهة الأخيرة.في هذا السياق، أرسلت القاهرة دعوات إلى تسعة عشر فصيلاً في غزة والضفة لحضور حوارات على مستوى الأمناء العامين، برعاية من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس السلطة، محمود عباس، وذلك لإجراء حوارات السبت المقبل على مدار يومين، فيما ستبدأ الوفود بالوصول إلى العاصمة المصرية نهاية الأسبوع الجاري عبر معبر رفح، وأيضاً من دول الخارج. وأبلغت السلطات المصرية، «حماس»، أن عباس سيكون حاضراً في الحوارات، فيما ترى الحركة أن تغيُّب «أبو مازن» يمثّل «محاولة واضحة من فتح للتهرّب من استحقاقات الحوار الوطني». ووفق مصادر «حمساوية»، لن تقبل الحركة أقلّ من أن تكون أولى الخطوات لترتيب البيت الداخلي إجراء انتخابات لـ«المجلس الوطني لمنظّمة التحرير» في الداخل والخارج، على أن تُجرى في الضفة والقطاع، مع التوافق مسبقاً على وضع القدس والانتخابات فيها عبر آليات واضحة تُمثّل المدينة. وفي ما يتعلّق بالخارج، يكون إجراؤها في الدول التي تسمح بذلك أو بالتوافق على ممثّلين عنها.
وكان قائد «حماس» في غزة، يحيى السنوار، الذي يُتوقّع أن يكون ضمن وفد الحركة في القاهرة، قد أكد أن «لقاءات ما بعد العدوان ليست كما قبلها»، في إشارة إلى رفض ما فرضه عباس مسبقاً بإجراء الانتخابات على نحو غير متزامن، أي أن تبدأ الانتخابات التشريعية، وتتبعها الرئاسية ثمّ «الوطني». والآن، يصرّ عدد من الفصائل، بما فيها «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، على إجراء انتخابات المجلس أولاً، ورفض أيّ حديث عن المصالحة من دون هذا الشرط بل وبسرعة. كما ترفض الحركتان تشكيل حكومة وحدة وفق رؤية عباس القائمة على التزام شروط «اللجنة الرباعية». وعلمت «الأخبار» أن بعض فصائل المقاومة في غزة ستطرح خلال الحوار «تقديم عباس ضمانات بجدّيته في ترتيب البيت الداخلي، وليس شراء الوقت والشرعية على حساب الفصائل كما في الماضي»، وستؤكّد أنها لن تمنحه «أيّ غطاء لأيّ تحرّك سياسي في القضية الفلسطينية ما دام لا يوجد ترتيب وتوافق على البيت الداخلي».
سيُعقد أوّل لقاء بين «فتح» و«حماس» وقد يُتوَّج بلقاء بين عباس وهنية


وعن ترتيبات اللقاءات، قالت المصادر إن «اجتماعاً أول سيُعقد بين حماس وفتح بحضور المخابرات العامة المصرية لتذليل العقبات لإتمام الحوارات»، ثمّ قد يجرى لقاء بين عباس ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، بحضور اللواء عباس كامل، على أن تليه لقاءات تستمرّ على مدار يومين للاتفاق على خريطة طريق بسقف زمني قصير. كذلك، تشترط «حماس»، لإكمال الحوار، إفراج السلطة عن المعتقلين السياسيين من سجونها فوراً، ووقف الحملة الأمنية ضدّ الناشطين في الضفة كبادرة حسن نية ورغبة في إتمام الحوار. وتنبّه الحركة إلى أنها تدرك جيداً أن هناك تحرّكاً لإعادة الشرعية إلى رئيس السلطة، لكن «هذا لن يحدث ما لم يتمّ ترتيب البيت الداخلي وإجراء الانتخابات لمنظّمة التحرير».
وبالتوازي مع دعوات القاهرة للفصائل، شرع المصريون في إرسال دعوات لحضور مؤتمر دولي للبدء في إعمار قطاع غزة، بحضور مسؤولين حكوميين من غزة يمثّلون الوزارات ذات العلاقة والتي تديرها «حماس». وتتزامن مغادرة وفد من الوكلاء والمديرين من القطاع، مع استمرار وصول المعدّات والطواقم الفنية المصرية لبدء المرحلة الأولى من إعادة الإعمار، والمتمثّلة في إزالة ركام المباني التي خلّفها القصف الإسرائيلي. ومن ناحية أخرى، أبلغت «حماس» الوسيط المصري انزعاجها من التأخّر في فتح ملفّ وقف إطلاق النار مع العدو، واستمرار الأخير في إغلاق المعابر مع القطاع، ناقلة تحذيراً من «عودة الاحتلال إلى الاستفزازات في القدس وكذلك بشأن الوضع الإنساني في غزة». ووفق المصادر نفسها، شددت الحركة على استعدادها «لبدء معركة جديدة مع الاحتلال بشكل أكبر وأقوى ممّا كانت عليه سيف القدس»، فيما أبلغ السنوار، كامل، بأن «حماس» لم تتخطّ في قوتها النارية خلال المعركة الأخيرة، الحاجز دون المتوسّط.