خَطَت حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، و«المجلس الانتقالي الجنوبي»، خطوة نحو تطبيق «اتفاق الرياض» الموقّع في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، من خلال ما سمّاه رئيس حكومة هادي، معين عبد الملك، «توقيع مصفوفة الإجراءات التنفيذية»، واصفاً ذلك بأنه «خطوة كبيرة» في اتجاه التطبيق الكامل. يأتي هذا بعد تعثّر دام شهرين في تنفيذ بنود الاتفاق، أثار شكوكاً في قدرة السعودية على تطبيقه، وطَرَح علامات استفهام عديدة حول الغموض في نصوصه، والذي ذهبت أوساط قريبة من الطرفين إلى إلقاء اللوم على الرياض في شأنه، باتهامها بتعمّد صياغة فضفاضة. وفي هذا الإطار، ذكر مطّلعون في حينها أن النصوص صيغت بأسلوب يُمكّن المملكة من تطويع الاتفاق وفق المقتضيات والظروف السياسية والميدانية، ولا سيما أن الطرف الإماراتي، وهو الراعي الثاني، كان قد بدأ إجراءات للحدّ من مشاركته في الحرب، لم تَحُل دون أن يحفظ له الاتفاق دوراً كبيراً في إدارة المحافظات المحتلة.وحتى قبيل إعلان عبد الملك الأخير، لم يُطبَّق من «اتفاق الرياض» سوى عودة شكلية لرئيس حكومة هادي وبعض وزرائه إلى عدن. وقبل أسبوعين، كلّف هادي، رئيس الوزراء السابق، مستشاره أحمد عبيد بن دغر، وهو شخصية قريبة من سفير المملكة لدى اليمن محمد آل جابر، بالإشراف على تطبيق الاتفاق، مقابل تكليف ناصر الخبجي من قِبَل «الانتقالي». لكن توقيت الإعلان عن «مصفوفة الإجراءات التنفيذية» أثار تساؤلات حول سرعة الانتقال من العداء بين طرفَي الاتفاق إلى العمل على تطبيقه عاجلاً، من دون أن تسبق ذلك خطوات لإعادة الثقة بينهما. وفي هذا الإطار، يرى مراقبون أن الإعلان الأخير لا ينفصل عن سياق الوضع الإقليمي المتأزّم، وخصوصاً في ظلّ معلومات عن أن الهدنة غير المُعلَنة بين السعودية و«أنصار الله»، والتي أعقبت مبادرة أحادية للتهدئة من جانب رئيس «المجلس السياسي الأعلى» مهدي المشاط، قد فشلت بسبب رفض الرياض تطبيق ما يتوجّب عليها بموجبها. ووفقاً للمعلومات، فإن صنعاء تعكف حالياً على مراجعة شاملة للأوضاع.
من المقرر أن يبدأ، اليوم، تنفيذ «مصفوفة الإجراءات التنفيذية» التي وُقّعت بين الطرفين


في المقابل، أظهر «التحالف»، خلال الساعات الماضية، استعجالاً في تطبيق الاتفاق، إلى حدّ التحذير من أن أيّ تعطيل له، أو أيّ تعرّض لأيّ جهة أو شخص يعمل مع «التحالف»، يعتبر تعطيلاً وتعرّضاً لأعمال الأخير، وفق ما ورد في بيان صادر عن قيادة «التحالف» في عدن. تهديدات قرأ في ما وراءها البعض خشية سعودية من انهيار وشيك للهدنة مع «أنصار الله»، وهو ما يتطلّب من الرياض الإسراع في تجميع أوراق القوة لديها، الأمر الذي عبّر عنه بوضوح بن دغر بالقول «هناك ضرورة وطنية تلزمنا إعادة توجيه البوصلة نحو إسقاط المشروع الحوثي الإيراني»، فيما أجمع النشطاء المقرّبون من دوائر القرار في كلّ من أبو ظبي والرياض على أن الأوضاع في المنطقة تفرض التطبيق السريع لـ«اتفاق الرياض».
وعليه، من المقرر أن يبدأ، اليوم، تنفيذ «مصفوفة الإجراءات التنفيذية» التي وُقّعت من قِبَل الطرفين، على أن لا يتعدّى ذلك عشرين يوماً. وتتضمّن المصفوفة المذكورة ما يأتي:
ــــ القيام بخطوات إضافية عسكرية وأمنية تضع أمن عدن في قبضة الأمن العام، بحيث تغادر كل التشكيلات العسكرية عدن إلى جبهات القتال (المقصود هنا الفصائل التي تدور في الفلك الإماراتي)، لتحلّ محلها أجهزة الأمن التابعة لوزارة الداخلية، والأجهزة القضائية.
ــــ البدء بمشاورات لتشكيل حكومة كفاءات سياسية، وفق ما نصّ عليه الاتفاق وملحقه السياسي، وهو أمر من المفترض إنجازه في الأيام القريبة القادمة.
ــــ جمع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من عدن، وتجميعها في أمكنة محددة مسبقاً تحت إشراف مباشر من السعودية، فضلاً عن إشراف اللجنة المشكّلة من الطرفين (فُسّر هذا البند على أنه تطويع للقوى المتطرفة من جهة، ومقدمة لعودة الأمان إلى عدن من جهة أخرى).
ــــ الشروع في عملية تبادل أسرى أحداث آب/ أغسطس الماضي، كخطوة نحو تفكيك عناصر التوتر وتطبيع الحياة، على أن تتولى النيابة العامة فتح تحقيق في شأن المخفيين.
ــــ في منتصف الخطة التي يبدأ تنفيذها في الساعات المقبلة، سيصدر الرئيس المنتهية ولايته قراراً بتعيين محافظ ومدير أمن لعدن بعد التشاور، على أن يتمّ ذلك في موعد أقصاه 18 كانون الثاني/ يناير الجاري.