مقالات مرتبطة
وفي الحديدة، وقف «التحالف» وحكومة هادي حجرة عثرة أمام التقدم الطفيف الذي حققته «لجنة تنسيق إعادة الانتشار»، والتي تولّى قيادتها ثلاثة مسؤولين أمميين حتى الآن، كان أولهم الجنرال الهولندي باتريك كاميرت، الذي خَلَفه الجنرال مايكل لوليسجارد، قبل أن يتم تعيين الجنرال الهندي المتقاعد أباهيجيت جوها أخيراً مكانه. وعلى الرغم من أن اللجنة عقدت سبعة اجتماعات بممثلي الطرفين، معظمها على متن السفينة الأممية العائمة، إلا أنها لم تتمكن من تجاوز العتبة الأولى المتمثلة في تنفيذ «أنصار الله» انسحاباً أحادياً من الموانئ الثلاثة.
قوبلت معظم مبادرات صنعاء إما بالرفض أو القبول المرهون بشروط تعجيزية
ويختلف الطرفان على تفسير البنود المتصلة بالحديدة، إذ يعتقد «التحالف» وحكومة هادي أنها تعني انسحاب «أنصار الله» من المدينة وتسليم تلك الحكومة مسؤولية الأمن وإدارة المؤسسات بشكل كامل، فيما سلّمت قيادة صنعاء الموانئ لقوات خفر السواحل التي كانت تتولى مهمة حمايتها قبل العدوان، كما سلّمت إدارة المحافظة للسلطة المحلية المنتخبة. اليوم، لا تزال الممرّات الإنسانية مغلقة، في حين لم يفتح خط «كيلو 16» لمرور الشاحنات من صنعاء إلى الميناء، فضلاً عن استمرار الحصار المفروض على الآلاف من سكان مدينة الدريهمي، والذين وصل الحال بهم إلى أكل أوراق الشجر، في ظلّ فشل الأمم المتحدة في إيصال قوافل إغاثية إليهم. ووفقاً لمصدر عسكري في الحديدة، فإن خروقات العدوان وميليشياته لاتفاق الحديدة تجاوزت الـ35 ألف خرق حتى نهاية أيلول/ سبتمبر الفائت، وخلّفت أضراراً مادية في الممتلكات العامة والخاصة، وأدت إلى مقتل أكثر من 1300 من المدنيين، وإصابة أكثر من 1900 آخرين.
وعلى رغم نجاح «لجنة التنسيق» في تثبيت أربع نقاط ارتباط لمراقبة وقف إطلاق النار في مناطق التماس، إلا أنها أخفقت في منع الخروقات والهجمات المتكررة على أحياء الحديدة. وبسبب التصعيد الذي تشهده جبهة الساحل الغربي، تعثرت المرحلة الثانية من خطة تثبيت وقف إطلاق النار الموقّع عليها بين الطرفين أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي. تعثرٌ ينسحب أيضاً على ملف مرتبات الموظفين، والتي نصّ «اتفاق ستوكهولم» في شأنها على أن «تودع جميع إيرادات موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى في البنك المركزي اليمني من خلال فرعه الموجود في الحديدة، للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في محافظة الحديدة وجميع أنحاء اليمن». وأمام تعنت «التحالف» في هذا الموضوع، بادرت صنعاء في الأول من تموز/ يوليو الماضي إلى فتح حساب خاص في فرع البنك المركزي لتوريد إيرادات الضرائب والجمارك المستوفاة من سفن الوقود الواصلة إلى ميناء الحديدة، وتسخيرها لصرف رواتب موظفي الدولة، شرط قيام حكومة هادي بتغطية العجز وصرف الرواتب وفق كشوفات ما قبل العدوان. لكن الطرف الآخر، الذي تصل مبيعاته من النفط الخام إلى أكثر من 160 مليون دولار شهرياً، لا يزال يرفض تغطية العجز ويتهرّب من تنفيذ التزاماته.
على هذا النحو، قوبلت معظم مبادرات صنعاء إما بالرفض أو القبول المرهون بشروط تعجيزية، بما فيها مبادرة كادت تنهي معاناة مئات الآلاف من سكان تعز، عندما أعلنت صنعاء في العاشر من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي استعدادها لفتح ممرّين إنسانيين في المدينة.