صنعاء | على مشارف نجران، نفذت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية، بمشاركة وحدات من الدروع والقناصة والمشاة وسلاح الجو المسيّر والقوة الصاروخية والدفاعات الجوية، المرحلة الثانية من العملية العسكرية البرية الواسعة التي بدأت أواخر شهر آب/ أغسطس الفائت، وأُعلن عنها يوم السبت الماضي. وكشف المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، مساء أمس، تفاصيل المرحلة الثانية من العملية (حملت اسم عملية الشهيد أبو الحسنين)، والتي جرت في الثالث من أيلول/ سبتمبر في مناطق جبلية شديدة الوعورة في منطقتَي الصوح والفرع بالقرب من مدينة نجران السعودية. وأكد سريع، في مؤتمر صحافي في صنعاء، أن قوات الجيش واللجان تمكّنت من السيطرة على 150 كيلومتراً مربعاً، وتأمين منطقتَي الفرع والصوح بالكامل. وأوضح أنه «تمت السيطرة على ثلاثة معسكرات بكامل عتادها العسكري»، متحدثاً عن «مقتل وإصابة العشرات من قوات العدو (ما لا يقلّ عن 200)، وأسر عدد من عناصر الجيش السعودي»، مضيفاً إنه تم أيضاً «اغتنام أكثر من 120 مدرّعة تابعة للقوات البرية الملكية السعودية، ومخازن سلاح، وكميات كبيرة من الأسلحة المتوسطة والخفيفة». وبيّن أن «ما اغتنمه الجيش واللجان من أسلحة يكفي لقرابة العام لمواجهة التحالف في كل جبهات القتال المفتوحة»، لافتاً إلى «العثور على أدلة دامغة تؤكد استعانة التحالف بالتنظيمات الإرهابية كداعش والقاعدة». وعرض سريع مشاهد تظهر ملاحقة طيران «التحالف» للمقاتلين الفارّين من مواقعهم بهدف تصفيتهم، بعدما حاول بأكثر من 600 غارة جوية إسناد قواته وإعاقة تقدم الجيش واللجان، من دون أن يفلح في ذلك. وجدّد المتحدث العسكري دعوة «كل المخدوعين والمنتمين لقوات العدوان من اليمنيين للعودة إلى الوطن والاستفادة من قرار العفو العام».هكذا، لم تكد السعودية تستوعب الصفعة الكبرى التي تلقتها في المرحلة الأولى من عملية «نصر من الله»، حتى جاءتها الصفعة التالية التي أسقطت مجدداً هيبة المملكة العسكرية، ومعها فاعلية الأسلحة الأميركية الحديثة، وأثبتت فشل الغطاء الجوي (الأباتشي والحربي) في حسم المعركة. ما أعدّت له السعودية على مدار ثلاث سنوات تبخّر في أيام معدودات، لينتهي حلم الرياض بفرض منطقة عازلة في العمق اليمني بطول 20 كيلومتراً على الحدود بين نجران وصعدة. حلمٌ حشدت من أجل تحقيقه الآلاف من المقاتلين السلفيين، ودفعت بعدد من رموز السلفية الجهادية لتعبئة أولئك المقاتلين دينياً، كما عزّزتهم بعشرات المدرّعات والآليات العسكرية الأميركية الحديثة والمتطورة. كانت اللافتة التي أغرت السلفيين من خلالها هي إعادتهم إلى مركزهم في دماج الذي أخُرجوا منه قبل سنوات بموجب اتفاق رعاه الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، لكن في ما وراء تلك اللافتة أرادت الرياض تحويل وادي آل أبو جبارة، الواقع في الجزء الشرقي لمديرية كتاف، والذي يحتلّ موقعاً استراتيجياً لقربه من صعدة من جانب، ومنطقة الفرع المتاخمة لمدينة نجران من جانب آخر، إلى أول منطقة عازلة في الحدّ الجنوبي. وهي إرادةٌ مثّلت محور رصد دقيق للجيش واللجان، وخصوصاً أن إيجاد مناطق عازلة بين البلدين لطالما شكّل هدفاً استراتيجياً للمملكة في إطار سياستها التوسعية في اليمن منذ إبرام اتفاقية جدة عام 2000.
حملت المرحلة الثانية اسم «عملية الشهيد أبو الحسنين»


خلال الأشهر الماضية من العام الجاري، تمكّنت القوات التابعة لـ«التحالف» من التوغل في مناطق تابعة لمديرية كتاف التي تبلغ مساحتها ثلث مساحة محافظة صعدة. ومع مطلع شهر آب/ أغسطس، بدأت تصعيد عملياتها هناك، حيث دفعت، بإشراف سعودي، بثلاثة ألوية إلى المديرية، وتمكنت من التوغل قرابة 50 كيلومتراً فيها، لكن من دون تأمين الميمنة والميسرة اللتين كان يوجد فيهما رجال الجيش واللجان. هؤلاء سرعان ما أخذوا أماكنهم، وأكملوا ترتيباتهم لأكبر عملية استدراج لتلك القوات. وبعدما تحوّلت كتاف إلى محرقة للمئات من الجنود والضباط والعشرات من المدرعات، بادرت قيادة المنطقة العسكرية الخامسة الموالية لهادي إلى سحب إعلانها عن إذاعة بيان مهم في الـ 25 من آب، وإنكار أيّ مشاركة لها في الهجوم.
يروي مدير مكتب رئاسة الجمهورية، أحمد حامد، بعضاً من تفاصيل المرحلة الأولى من العملية العسكرية التي أدت إلى سقوط ألوية «الوحدة» و«الفتح» و«الفاروق»، مبيّناً أن «قوات العدو شنّت ابتداءً عملية هجومية على سلسلة جبال نجد الفارس الاستراتيجية في كتاف، ليتمّ صدّها من قِبَل الجيش واللجان، اللذين انتقلا من موقع الدفاع إلى الهجوم المضاد»، مضيفاً إنه «تم بعد ذلك شنّ عملية هجومية واسعة من ثلاثة مسارات من منطقة الصوح شرقاً، البقع شمالاً، الوادي جنوباً، أُطلق عليها اسم «عملية الشهيد أبو عبد الله حيدر»، أحد قادة محور نجران، والذي قتل قبل العملية بأسبوعين». ويقدّر حامد، في شهادته التي نشرها في صحيفة «الثورة» الرسمية بعد عودته من زيارة المقاتلين في محور نجران، «خسائر العدوان البشرية في المرحلة الأولى من العملية بأكثر من 700 قتيل وجريح»، لافتاً إلى أن «العدد الكبير من الأسرى، الذين بلغوا حتى يوم الجمعة الماضي قرابة 2500 أسير، مثّل مشكلة لمقاتلي الجيش واللجان، الذين كانت أمامهم مهمة استكمال التطهير للمنطقة، فكان المقاتل يأتي بأكثر من 50 أسيراً لتبقى أمامه مهمة حراستهم وتجميعهم وسرعة نقلهم خوفاً عليهم من الطيران الذي كان يستهدفهم، وهو الأمر الذي دعا القيادة العسكرية إلى استنفار الناس من عدة مناطق للمساهمة في إيجاد وسائل النقل والدخول لإخراج الأسرى ومساعدة إخوانهم المجاهدين، وهو ما حدث فعلاً». ويتابع حامد إن «العدو بات يُضرب بسلاحه الذي أعيد إلى نحره، وهو سلاح كثير وكبير ونوعي، ومن تلك الأسلحة التي اغتُنمت أكثر من 15 دبابة أبرامز، وأكثر من 50 مدرعة برادلي، وأكثر من 100 طقم عسكري، بالإضافة إلى المدافع والقذائف والهاونات والرشاشات، ومخازن أسلحة كثيرة ومتعددة، بما فيها صواريخ الكاتيوشا وراجمات الصواريخ».