القاهرة | على رغم «تيقّن» الأجهزة الأمنية المصرية من أنه لا تظاهرات ستخرج اليوم (الجمعة) ضد النظام جراء دعوات المقاول والممثل الهارب محمد علي إلى المطالبة بإسقاط الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلا أن حالة استنفار غير مسبوقة تشهدها البلاد، دالّة على ما يخالف التقدير المتقدم الذي يُروَّج له. الاستنفار مرتبط بمخاوف لدى الأجهزة السيادية، وصلت إلى حدّ الاقتراح على السيسي الاعتذار عن عدم السفر إلى نيويورك لرئاسة وفد البلاد في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك لمتابعة الأوضاع داخلياً، وهو ما سيحسمه الرئيس خلال الساعات القليلة المقبلة.ويترافق الاستنفار الأمني والعسكري، الذي تصاحبه اجتماعات على أعلى مستوى بين القيادات المختلفة بعد إقرار خطة تمركز في الشوارع، مع حملات إعلامية مكثفة لإبراز ما يرى النظام أنها «إنجازات للرئيس»، تصدّرت وسائل الإعلام المحلية التي أذاعت مقاطع لمواطنين في الشارع يعلنون تأييدهم للسيسي. وخصّصت تلك الوسائل غالبية أوقات البثّ التلفزيوني والإذاعي لإظهار «الإنجازات» المفترضة، فضلاً عن مقاطع تُبيّن «عنف» جماعة «الإخوان المسلمون» المصنّفة «إرهابية»، وسط تأكيدات أن هناك محاولة لـ«إسقاط الدولة».
اقترحت الأجهزة السيادية على السيسي إلغاء سفره إلى نيويورك


وبينما انضمّ المئات من ضباط الجيش إلى موجة رسائل الدعم للسيسي للمرة الأولى عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، يسود قلق داخل المؤسسة العسكرية من التطورات الأخيرة، في ظلّ عجز المجموعة التي تدير الدولة مع السيسي عن الثقة بِمَن يحيط بها حالياً، ولا سيما مع ما نشر من دعوات (بغضّ النظر عن مدى صحتها) وُجّهت إلى مسؤولين عسكريين، منهم وزير الدفاع الفريق أول محمد أحمد زكي، ورئيس الأركان الأسبق محمود حجازي، إلى جانب وزير الدفاع السابق الفريق أول صدقي صبحي، لتأييد «الإرادة الشعبية». ولعلّ استشعار الداعين إلى التظاهر حقيقة أن الجماهير التي خرجت إلى الشارع في «25 يناير» و«30 يونيو» لن تستطيع اليوم مواجهة القوة العسكرية التي يقول السيسي إنها تسانده، هو ما نقل الرهان إلى تولّد حالة الغضب ضد «الجنرال» داخل الجيش نفسه. لكن بمعزل عن خلفيات تلك الدعوات، فإن الاحتمال الأكثر تداولاً، هو أن يكون الهدف منها ممارسة ضغوط على الرئيس من أجل إجراء إصلاحات سياسية، وهو ما كان قد مهّد لإمكانية تجاوب رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم» معه، وهو المقرب من السيسي شخصياً، بتأكيده أن العام المقبل سيشهد «خطوات للإصلاح السياسي».
في المقابل، صدرت تعليمات رسمية بمهاجمة حزب «الكرامة» المحسوب على التيار الناصري، بعد تهديد قادته بتجميد نشاط الحزب نتيجة حالة التضييق السياسي. جاء ذلك في وقت سرت فيه إشاعات عن تحركات لعسكريين سابقين، من بينهم المرشح السابق لرئاسة الجمهورية الفريق أحمد شفيق، الذي أُجبر على الانسحاب أمام منافسه السيسي في انتخابات العام الماضي، فضلاً عن تحركات لضباط داعمين للفريق سامي عنان الذي يقضي عقوبة الحبس عشر سنوات بعدما أعلن اعتزامه الترشح للرئاسة، إلى جانب آخرين أُقيل بعضهم من الأجهزة الأمنية المختلفة. وبالتزامن مع ممارسة الأجهزة الأمنية ضغوطاً على عدد من الفنانين ليعلنوا تأييدهم للرئيس والجيش عبر مقاطع فيديو، تلقى عدد كبير منهم وعوداً بأعمال جديدة مع شركة «إعلام المصريين» التي تديرها المخابرات من دون أي تفاصيل حالياً، علماً أن فيديوهات التأييد قابلها هجوم وانتقادات من الجمهور. من جهته، قال الناشط وائل غنيم، وهو أحد الداعين إلى «ثورة 25 يناير»، بعدما عاد إلى الظهور أخيراً، إنه تلقى اتصالاً من «المخابرات الحربية»، وتحديداً من ضابط مقرب من نجل السيسي، محمود، يؤكد فيه ترحيبه بعودة وائل إلى البلاد، على رغم التصريحات التي أدلى بها الأخير خلال الأيام الماضية من مقرّ إقامته في ولاية كاليفورنيا، مشيراً إلى أن الضابط الذي تواصل معه عرض عليه العودة من أجل تقديم برنامج تلفزيوني والعمل بحرية، لكنه رفض عرض ابن السيسي، مطالباً بـ«الوحدة بين مختلف المصريين لاتخاذ مواقف تصعيدية ضد السيسي ونجله الذي يتدخل في إدارة الدولة من دون أن يظهر في الصورة».
وفي وقت لاحق من مساء أمس، أفيد عن اعتقال شقيق غنيم من مقرّ إقامته في مصر.