جاء قرار محكمة جنوب القاهرة بمنع 83 شخصاً محبوسين على ذمة قضية «تحالف الأمل» من التصرف في أموالهم والسفر ليزيد الغموض حول ما تريده السلطات المصرية من المتهمين في هذه القضية بالذات، خاصة أنهم قالوا أمام قاضي التحقيقات، وفق إفادة محاميهم، إنهم كانوا في اجتماع علني في مقر أحد الأحزاب السياسية المُشهَرة قانوناً، لمناقشة الوضع السياسي في البلاد. في هذا السياق، ينقل محامي النائب السابق المعتقل على ذمة القضية زياد العليمي، عن موكله أنه قال أمام النيابة في التحقيقات الأربعاء الماضي إنه مقبوض عليه منذ 45 يوماً دون دليل إدانة واحد، معترضاً على تجديد حبسه. لكن لم يتمكّن المحامون الحاضرون في الجلسات والتحقيقات من الاستئناف على أوامر الحبس الاحتياطي الصادر ضد العليمي وآخرين. مع ذلك، طالب العليمي بالاستماع لشهادة رؤساء الأحزاب الخمسة التي كان يعمل وزملاؤه في الائتلاف الحزبي بتوجيهاتهم، علماً أن رؤساء الأحزاب استعدوا للإدلاء بشهاداتهم.
يقول محامٍ آخر إن السلطات قطعت الطريق على المعتقلين في هذه القضية جراء اتهامها لهم بالتعاون مع جماعة «الإخوان المسلمون» المحظورة، وأنهم يعملون لإعادة الأخيرة إلى الحكم عن طريق الترتيب لأعضاء في الجماعة للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المفترض إجراؤها في 2020. وهذه التهمة فزّاعة طالما روّجتها الدولة ضد معارضيها حتى من التيارات الليبرالية واليسارية للزج بهم في السجون. ولذلك، يتوقع هذا المحامي استمرار حبس المتهمين خاصة أن السلطات تود أن تنهي حالة النقاش الدائرة في أروقة بعض الأحزاب اليسارية بشأن بلورة موقف معارض ضد السلطة لما تسببت فيه من إخفاق على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
وجهت السلطات اتهاماً إلى أيمن نور بالشراكة مع «تحالف الأمل»


«القضية لن تتوقف عند هذا الحد»، يزيد على ذلك المحامي نجاد البرعي، قائلاً إن الدولة ستتوسع في اعتقال أشخاص جدد وضمهم إلى قضية «تحالف الأمل» من أجل قطع الطريق أمام أي تحرك معارض قبيل الانتخابات. وأوضح البرعي، في تصريحات صحافية، أن الأمن قد يتخذ إجراءات جديدة بحق مزيد من الأسماء المحسوبة على الليبراليين ومنها التحفظ على الأموال ومنع السفر. زيادة على ذلك، وجهت وزارة الداخلية اتهامات إلى رئيس حزب «غد الثورة»، أيمن نور، بالتنسيق مع معتقلي «خلية الأمل» بهدف «تفجير الأوضاع الداخلية»، وبالتواصل مع أطراف دولية خاصة واشنطن لـ«زعزعة الأمن والاستقرار»، وهو ما نفاه نور.
أما «نقابة الصحافيين»، فأسندت ملف القضية إلى أحد محاميها الذين يحضرون التحقيقات مع اثنين من الصحافيين المقبوض عليهم على ذمة القضية، حسام مؤنس وهشام فؤاد، كما يحضر معهم التحقيقات عضوا مجلس النقابة عمرو بدر ومحمود كامل. ورغم الحالة الصحية السيئة للمعتقلين العليمي (يعاني من مرض نادر في الصدر) وفؤاد، وتقديم محاميهم طلبات بالإفراج عنهم بسبب ذلك، لم تلتفت النيابة، بل قررت تمديد حبسهم 45 يوماً أخرى.
وفق مراقبين، يبدو أن الدولة تدرك أن السماح بتحرك بعض الأحزاب البعيدة عن «الإخوان» بدعوى الترتيب لانتخابات 2020 ربما يدفع إلى تضاعف حجم كرة الثلج المعارضة، ما يخلق مناخاً لو بسيطاً من المعارضة المدنية التي تستطيع مع الوقت «مضايقة» السلطة حتى رمزياً، سواء في البرلمان أو المجال السياسي العام. وهذا ما حدث مع النائب المحسوب على «تكتل 25/30» أحمد طنطاوي المعروف بمعارضته للرئيس عبد الفتاح السيسي، إذ ضُمّ مدير مكتبه في قضية الخلية، وذلك لتنبيه طنطاوي إلى أنه غير مسموح له مساعدة الأحزاب في تشكيل تكتل معارض. ومع تأميم الحياة السياسية في البلاد قبيل برلمان 2020، يصير النظام لا ينافس إلا نفسه، لينتهي إلى نسْخ حالة جديدة من برلمان 2015 ــــ 2020 الذي كان أقرب إلى سكرتاريا الرئاسة من كونه مجلساً لنواب الشعب.