بعد تأجيل لأربع مرات، وعقب يوم واحد من اعتذار جيش العدو الإسرائيلي عن قتل أحد المقاومين الفلسطينيين، وصل وفد أمني مصري رفيع المستوى إلى قطاع غزة عصر أمس من حاجز «بيت حانون ــــ إيريز»، وذلك في إطار مساعيه لتثبيت تفاهمات التهدئة. ووفق مصادر إعلامية، يترأس الوفدَ وكيل جهاز «المخابرات العامة» اللواء أيمن بديع، ومسؤول «الملف الفلسطيني» في الجهاز اللواء أحمد عبد الخالق، اللذان سيجريان مباحثات مع قيادة حركة «حماس» والفصائل الفلسطينية الأخرى، علماً أن آخر زيارة لوفد مصري كانت في التاسع من أيار/ مايو الماضي ليوم واحد. وسبق قدومَ الوفد إلى غزة التقاؤه، السبت الماضي، رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، في تل أبيب.وقبيل بدء المباحثات، أعلن عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، صلاح البردويل، خلال مشاركته في الجمعة الـ66 من «مسيرات العودة»، أمس، أن «تفاهماتنا مع الوسيط المصري تشهد مدّاً وجزراً، ولا نقبل أن تنال هذه التفاهمات من حقوقنا»، مستدركاً: «الوفد المصري يريد التنفيس عن غزة ولا يريد للأمور أن تنفجر». وأكد البردويل «أننا لم نوقع اتفاقات مع العدو، والأمور الإنسانية لا تُقايَض... نذكّر أمتنا وشعوبنا من خلال مسيرة اليوم بأنه لا تصالح، لا تفاوض، لا اعتراف بالكيان»، في إشارة إلى شعار المسيرة. من جهته، أشار عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، فتحي حماد، إلى أن لدى المقاومة «من الوسائل الخشنة التي تؤكد أننا لن نسكت عن عدم تنفيذ التفاهمات»، مضيفاً: «لا نقبل اعتذار العدو عن قتل الشهيد محمود الأدهم وسنثأر له». وتابع حماد: «نحن نطور صواريخنا، ونقول للوسطاء إننا لن نسكت عن دماء أبنائنا وحصارنا، وشبابنا الثائر سيعودون إلى المواجهة مع العدو إذا لم تُنفَّذ التفاهمات... الاحتلال لديه مهلة أسبوع حتى تطبيق التفاهمات».
ميدانياً، أعلنت وزارة الصحة في غزة، أمس، أن نحو 55 مواطناً أصيبوا بجروح متفاوتة، منهم 33 بالرصاص الحيّ، خلال اعتداء جنود العدو على المتظاهرين شرقي محافظات القطاع الخمس، علماً أن قمع قوات الاحتلال لـ«مسيرات العودة»، منذ انطلاقها، أدى إلى استشهاد 306 فلسطينيين، وإصابة أكثر من 31 ألفاً بجروح مختلفة، وفق إحصائية «الصحة». وقبيل انطلاق فعاليات الجمعة الـ66، التي تزامنت مع وصول الوفد المصري، كانت أوساط العدو قد توقعت تصعيداً كبيراً؛ إذ ذكرت وسائل إعلام عبرية أن الجيش عزز نشر «القبة الحديدية»، بالتزامن مع فرض «حالة التأهب القصوى» في منطقة «غلاف غزة»، خشية ردّ المقاومة على استشهاد الأدهم. وقالت إن الجيش أغلق الطرق والمحاور القريبة من السلك الفاصل، في حين أن الشرطة العسكرية هي التي تولّت حماية هذه الأماكن.
في سياق آخر، لمّح مبعوث الرئيس الأميركي، جيسون غرينبلات، إلى اجتماعه مع قيادات في السلطة الفلسطينية في مكتبه في واشنطن بـ«صفتهم الشخصية»، على رغم نفي رام الله ذلك. وأضاف غرينبلات، في مقابلة مع قناة «الحرة» الأميركية: «لقد كنا حذرين من ألّا نكشف عن هوية الذين نتحدث معهم، وأتحدث مع الفلسطينيين طوال الوقت... كل واحد عندما يغادر الغرفة (مكتبه) يطلب مني ألا أكشف هويته، هذا يُؤسف له، ولكن هذه هي الحقيقة. هم يعطوننا الأمل في أنّ بإمكاننا تجاوز النزاع، وهم معنيون بحل النزاع، ولكن لا يتحدثون». غرينبلات شدد على «أنهم لا يتحدثون باسم الرئيس (محمود) عباس، أو السلطة والمنظمة، (بل) موجودون بصفتهم الشخصية»، في إشارة إلى قرار قطع جميع الاتصالات مع الإدارة الأميركية منذ نهاية 2017. وأضاف: «لدي ثقة بالرئيس عباس. الآن هناك علامات استفهام، ولكن آمل عندما يرى الخطة السياسية (صفقة القرن)، سيدرك الوقت والجهد الذي بُذل لخلق شيء خاص للشعب الفلسطيني». وكانت وسائل إعلام عبرية قد سرّبت خبراً عن نية وفد عالي المستوى في السلطة، يرأسه مسؤول جهاز «المخابرات العامة»، ماجد فرج، السفر قريباً إلى واشنطن لإجراء مباحثات هناك.