وسط نشاط دبلوماسي لافت على خطَّي التحضيرات لجولة «أستانا» المقبلة، وتشكيل «اللجنة الدستورية»، لا تهدأ المعارك على أطراف «جيب إدلب»، مُفرغةً «الهدنة» المفترضة من معناها، وهي التي وُلدت مجمّدة منذ إعلانها، بفعل غياب «التوافق التام» حولها، بين ضامنَيها الروسي والتركي. فقبل أن تخمد نار الاشتباكات في جبل التركمان، في أقصى شمال اللاذقية، ضربت جبهات ريف حماة الشمالي موعداً مع تصعيد جديد، على محورٍ شهد كرّاً وفرّاً خلال ما يزيد على شهر، حيث هاجمت الفصائل العاملة مع «هيئة تحرير الشام»، وتحت المظلّة التركية، نقاط الجيش السوري في منطقة الحماميات، وتمكنت من التقدم والسيطرة على البلدة والتل الملاصق لها.
أصيب 11 شخصاً بجروح نتيجة تفجير سيارة مفخخة جانب كنيسة السيدة العذراء وسط مدينة القامشلي (الصورة)، وأتى ذلك في موازاة سقوط 13 شخصاً، غالبيتهم مدنيون، في تفجير سيارة مفخخة قرب حاجز لفصائل موالية لأنقرة عند مدخل مدينة عفرين (أ ف ب )

الهجوم الذي سبق وتكرر مرات عدة على هذا المحور، لم يتمكن بدوره من تحقيق خرق واسع وتغيير كبير في خريطة السيطرة، بعدما احتواه الجيش وبدأ تحركاً معاكساً بهدف استعادة النقاط التي انسحب منها. واستهدف سلاحا الجو والمدفعية نقاط تمركز الفصائل الجديدة في التل، كما محاور التحرك والإمداد شرقاً نحو كفرزيتا واللطامنة. في المقابل، قصفت الفصائل عدة بلدات في ريف حماة الشمالي، وكان لمدينة محردة النصيب الأكبر من صواريخها، عدا محاولات استهداف نقاط الجيش عبر الطائرات المسيّرة المذخّرة بقذائف محلية الصنع. وحتى وقت متأخر من ليل أمس، لم يكن الجيش قد أحكم السيطرة على التل والبلدة، من دون أن يخف زخم المعارك هناك.
التصعيد الميداني المتجدد يستبق انعقاد جولة جديدة من المحادثات وفق صيغة «أستانا» بين الدول الضامنة لـ«خفض التصعيد». ولا يبدو أن حظوظ الالتزام بالهدنة المفترضة ستزيد خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة التي تفصل عن موعد تلك الجولة (1 و2 آب المقبل)، وهو ما يعكسه سقوط القذائف المستمر على أحياء مدينة حلب مثلاً. كذلك، لا تعكس التصريحات الصادرة عن أنقرة وموسكو وجود اهتمام وحرص لدى الطرفين على احتواء التوتر على أطراف «جيب إدلب»، على رغم اللقاءات الناشطة بين المسؤولين الروس والأتراك. آخر تلك اللقاءات كان على يومين متتاليين بين المبعوث الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرينتييف، ونائب وزير الخارجية الروسية سيرغي فيرشين، مع كل من المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن (أول من أمس)، ونائب وزير الخارجية التركي سادات أونال (أمس). وقبل هذين اللقاءين المخصصين لبحث الملف السوري بشكل رئيسي، التقى لافرينتييف وفيرشين في طهران، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، ومساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية علي أصغر خاجي. وتأتي هذه الجولة الروسية، تحضيراً لملفات عدّة في الفترة المقبلة، بينها اجتماع «أستانا» والقمتان، الثلاثية والرباعية، المرتقبتان في تركيا، كما ملف «اللجنة الدستورية».
تعكس تصريحات المسؤولين الروس الأجواء الإيجابية التي تخيّم على ملف «الدستورية»


وتعكس تصريحات المسؤولين الروس الأجواء الإيجابية التي تخيّم على ملف «اللجنة الدستورية»، إذ أوضح نائب وزير الخارجية الروسية، ميخائيل بوغدانوف، أمس، أن المبعوث الأممي، غير بيدرسن، «كان قد غادر موسكو إلى دمشق بفهم معين لقضايا محددة»، معرباً عن أمل بلاده أن يتم تشكيل «اللجنة» قريباً، على خلفية «التقدم الحقيقي» الحاصل على هذا المسار. ولم تغب موسكو عن ملف «الأسلحة الكيميائية» الذي عاد إلى الأضواء مع تشكيل فريق التحقيق الجديد من قِبَل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. إذ أشار نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، الذي التقى الدبلوماسي في الخارجية الأميركية، دايفيد هايل، في هلسنكي أمس، إلى أن بلاده «ستقدم في أقرب وقت معلومات إضافية» حول الهجوم الكيميائي في دوما، لافتاً إلى أن المعلومات التي سيجري تقديمها ستعرض بالتوازي مع «عرض مماثل» (مضاد) في لاهاي.