نشر الأمين العام الجديد لحركة «نداء تونس»، سليم الرياحي، على صفحته في موقع «فيسبوك» أمس، بياناً أعلن فيه استقالته من الأمانة العامة للحركة، ومن جميع هياكلها. برر الرجل ذلك بعدم قدرته على «تقديم الإضافة»، مشدداً على إيمانه أن تونس «تستحق مساراً سياسياً وزخماً ثقافياً واقتصادياً وأخلاقياً وحضارياً أنقى وأرقى من ما تعيشه اليوم». وصار الرياحي أميناً عاماً لـ«النداء» في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد أن قرر دمج حزبه «الاتحاد الوطني الحر» فيه. جاء ذلك، ضمن خطة مشتركة بينه وبين قيادة الحركة، التي يتزعمها الآن نجل رئيس الجمهورية حافظ قائد السبسي، لإعادة هيكلتها في مواجهة رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، وحركة «النهضة».
عادت الأحكام القضائية في حق الرياحي بعد خروجه من الحركة (عن الويب)

لكن، لم يمض وقت طويل حتى استقال نواب «الاتحاد الوطني الحر» من الكتلة النيابية لـ«نداء تونس»، ما جعلها في المركز الثالث بعد كتلتي «النهضة» و«الائتلاف الوطني» المساندة للشاهد. بالتوازي مع ذلك، رفع الرياحي شكوى قضائية في حق الشاهد، اتهمه فيها بتدبير انقلاب على رئيس الجمهورية، بالتنسيق مع عدد من المسؤولين بينهم مدير الأمن الرئاسي، وغادر بعدها البلاد إلى بريطانيا، التي يقال إنه يحمل جنسيتها، ثم الإمارات.
لم يكد الرياحي يخرج من مصيبة حتى يلاقي أخرى، ففي حين غادر البلاد بعد رفع حظر سفر كان مفروضاً عليه قضائياً، سقطت القضية التي رفعها ضد رئيس الحكومة، وصدر في حقه حكم بالسجن لخمسة أعوام بتهمة تتعلق بتسليم شيكات من دون رصيد.
تلقّى «نداء تونس» ضربة باستقالة الرياحي بالتوازي مع انشقاقات جديدة


في الواقع، تُتداول في الكواليس السياسية التونسية، أحاديث كثيرة عن «صفقة» عُقدت بين الرياحي وقيادة «النداء»، جرى بموجبها تنظيف سجله القضائي ورفع حظر السفر عنه، مقابل انخراطه في خطة إعادة هيكلة «النداء». لكن، الأمر انتهى بفشل ذريع، فالآن صار الرياحي خارج الحركة، التي لم تستفد منه شيئاً، وعادت الأحكام القضائية في حقه.
سليم الرياحي شخصية مثيرة للجدل منذ بروزه. فبعد سقوط نظام بن علي، ظهر فجأة قبيل انتخابات عام 2011 حزب جديد هو «الاتحاد الوطني الحر»، أغدق أموالاً كثيرة على حملات إشهار سياسي وشراء للأصوات. لم تكن نتائجه في حينها مبهرة، لكن رئيس الحزب، الرياحي، انتقل إلى خطة أكثر اندفاعاً، حيث عمل عام 2012 على ترأس «النادي الأفريقي»، أحد أكبر الجمعيات الرياضية شعبية في تونس، وصرف أموالاً طائلة لاستمالة أحبائه (تبين لاحقاً، بعد خروجه من رئاسته عام 2017، أن جزءاً كبيراً مما أنفقه كان في شكل ديون، إضافة إلى وجود شبهة حول إساءة التصرف في موارد الفريق، ما تسبب في أزمة تقدمت بموجبها الهيئة الجديدة للنادي بقضية في حقه).
بعد خروجه من «الأفريقي» تحت ضغط القضايا «الملفقة» من أطراف في السلطة بحسب ما قال في حينها، صار الرياحي مكبلاً، إلى أن التحق بـ«النداء» وغادر تونس. اليوم، يدور حديث في الكواليس السياسية، عن أن الرجل لن يعود إلى البلاد، وأن مستقبله السياسي قد انتهى، والاستقالة هي إعلان رسمي عن ذلك. لكن المسألة لا ترتبط فقط بالرياحي، بل كذلك بـ«نداء تونس» واختياراته، إذ يتلقى بهذه الاستقالة ضربة أخرى، جاءت بالتوازي مع انشقاقات جديدة وخلافات حول المؤتمر المقبل للحركة، تدور بخاصة حول مصير مديرها التنفيذي الحالي، غير المنتخب، حافظ قائد السبسي.