قبل نحو مئة يوم على إجراء الانتخابات العامة في إسرائيل، في التاسع من نيسان/ أبريل المقبل، بدأت الساحة الحزبية تهتزّ على وقع انشقاق قيادات وتكتّل أخرى، وقد تحفل الأيام الفاصلة بالمزيد، بل قد يكون من الصحيح القول إن الحراك الذي تشهده الساحتان الحزبية والسياسية أمر مألوف في تاريخ الانتخابات، إذ تفرّخ أحزاب جديدة وكثيرة لا يصل منها إلا القليل. لكن ذلك لا يلغي ما يميز هذه المحطة الانتخابية عن الكثير مما سبقها، لجهة أنها تجري في ظروف استثنائية داخلية وإقليمية، وهو ما دفع معلّقين إسرائيليين إلى وصفها بأنها «الأهم منذ عقود». ولعلّ أبرز ميزة فيها أن إجراءها هو جزء من خطة بادر إليها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من أجل تحصين نفسه سياسياً وشعبياً في مواجهة لوائح اتهام تنتظره لتقديمه أمام المحاكمة بتهم فساد ورشوة.أبرز المستجدات التي شهدتها الساحة الحزبية حتى الآن إعلان رئيس «البيت اليهودي»، نفتالي بينت، إلى جانب إيليت شاكيد، انشقاقهما عن تحالف «البيت» الذي يضمّ «المفدل» و«الاتحاد القومي»، من أجل تشكيل حزب جديد تحت اسم «اليمين الجديد». وما يسِمُ هذا الحزب أنه سيكون تكتّلاً للعلمانيين والمتديّنين الصهاينة، ويهدف إلى «منع إقامة دولة فلسطينية»، وإلى «ضمّ الضفة الغربية». وقالت مصادر في الحزب الجديد إن الأخير سيتكتّل بعد الانتخابات مع «البيت اليهودي»، لتشكيل كيان واحد خلال المفاوضات الائتلافية مع نتنياهو في حال انتخابه مجدداً. ولفتت إلى أن هدف الانشقاق الحالي السعي إلى أكبر عدد ممكن من أصوات الناخبين اليمينيين العلمانيين، فيما يجذب «البيت» ناخبي الصهيونية الدينية.
دفعت ظروف الانتخابات معلّقين إلى وصفها بأنها «الأهمّ منذ عقود»


في المقابل، أعرب عدد من قيادات حزب «الليكود» عن خشيتهم من أن تؤدي هذه الانقسامات إلى إضعاف اليمين مقابل المعسكر المنافس. في هذا السياق، ذكرت القناة الثانية أن نتنياهو يسعى، بالتعاون مع شركاء، إلى خفض نسبة الحسم (العتبة الانتخابية)، تفادياً لسقوط تكتّلات يمينية في الانتخابات بما سيؤدي إلى رفع حصة معسكر الوسط ــــ اليسار، وأيضاً من أجل منح جميع الأحزاب المحسوبة على اليمين فرصة تجاوز النسبة المطلوبة للدخول إلى الكنيست. ونتيجة المخاوف المشتركة بين العديد من الأحزاب في السلطة والمعارضة، يمكن التقدير أن هناك أرضية ما للتوافق على تخفيض هذه النسبة، لكن لا يزال أمامها تذليل بعض العقبات.
على خط آخر، من المقرّر أن يعلن رئيس أركان الجيش السابق بني غانتس، ووزير الأمن السابق موشيه يعلون، خوضهما الانتخابات في قائمة مشتركة، من دون أن يعني ذلك حلّاً للحزبين، لأن التحالف بينهما انتخابي فقط، إذ سيحافظ كل منهما على حزبه. وكان غانتس أعلن حزبه الجديد «مناعة لإسرائيل»، وهو يطمح مع يعلون إلى أن يؤدي الائتلاف بينهما إلى انضمام مزيد من الأحزاب لتشكيل تكتّل قوي يواجه نتنياهو. ووفق استطلاعات الرأي، من المتوقّع ـــ حتى الآن ـــ أن يُحدث ترشّح غانتس تغييرات في الخريطة السياسية الإسرائيلية، التي ستظلّ قابلة للتغيّر كثيراً حتى موعد الانتخابات، من دون أن يمس ذلك بصدارة «الليكود» حالياً، وبتقدّم نتنياهو على كل منافسيه المحتملين في رئاسة الحكومة.