بعد شهرين من استنفاره وتسخيره عشرات الكتائب والوحدات في البحث عن منفذ عملية «بركان» المطارَد أشرف نعالوة، استشهد الأخير فجر اليوم، في اشتباك مسلّح مع وحدة «اليمام» التابعة لجيش الاحتلال في مخيم عسكر شرق مدينة نابلس. أمّا صالح البرغوثي، الذي نفّذ عملية قبل أيام في مستوطنة «عوفرا»، فاستُشهد أيضاً ليل أمس. وفي القدس، استشهد مجد مطير بعد تنفيذه عملية طعن أصاب فيها جنديين إسرائيليين.اختطفت قوات خاصة إسرائيلية من وحدة «المستعربين»منفّذ عملية «عوفرا»، صالح عمر البرغوثي (29 عاماً)، الليلة الماضية بعدما أطلقت على سيارته النار خلال مرورها في شارع سرده على بعد مئات الأمتار من مقر المقاطعة في رام الله. وكان شهود عيان قد أفادوا بأن «البرغوثي كان لا يزال على قيد الحياة، بينما كانت وسائل الإعلام العبرية تبث نبأ اغتياله»، وهو ما يشير إلى أنه أعدم خلال اختطافه، قبل أن يُعلن عن استشهاده لاحقاً.
وفي وقت سابق من إطلاق النار على سيارته، اقتحم جنود الاحتلال الإسرائيلي حي عين مصباح في مدينة رام الله، محاصرين مبنى سكني، قبل أن يستولوا على سيارة وينسحبوا من المكان. وبالتزامن مع ذلك، أصيب شابان فلسطينيان برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي خلال اشتباك معهم، بينما كانوا يحاصرون قرية كوبر، مسقط رأس الشهيد البرغوثي.
أمّا في مدينة نابلس، فقد اقتحمت وحدة «اليمام» التابعة لجيش الاحتلال مخيم عسكر، واشتبكت لوقت طويل مع منفّذ عملية «بركان»، أشرف وليد نعالوة، من ضاحية شويكة شمال طولكرم، حتى استشهد خلال الاشتباك، وسُرق جُثمانه ليُحتجر في ثلاجات الاحتلال. وفور ورود نبأ استشهاد نعالوة، انطلقت مسيرة عفوية في طولكرم، وفي مخيم عسكر تطالب بالثأر لدماء الشهيد.
وفي القدس، استشهد الشاب مجد جمال مطير، من مخيم قلنديا، برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد تنفيذه عملية طعن في شارع الواد بالبلدة القديمة، أصاب فيها جنديين إسرائيليين بجروح.
وأطلق جنود الاحتلال أكثر من عشر رصاصات على جسد الشاب مطير، وتركوه ينزف لنحو ساعة قبل أن يرتقي شهيداً. كما منع الجنود الصحافيين والطواقم الطبية من الوصول إلى مكان تنفيذ العملية، قبل أن يغلقوا المسجد الأقصى ويمنعوا المصلّين من دخوله.
إلى ذلك، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة اعتقالات واسعة، اعتقل خلالها 40 فلسطينياً من القدس والضفة الغربية المحتلتين، بينهم أسرى محررون.

فصائل المقاومة الفلسطينية تتوعّد بالرّد
وعدت فصائل المقاومة، اليوم، بالانتقام والثأر لدماء الشهداء المقاومين صالح البرغوثي وأشرف نعالوة. وأعلنت حركة «حماس» تبنّيها للشهيدين نعالوة والبرغوثي، مؤكّدة أن «جذوة المقاومة في الضفة لم ولن تنطفئ حتى يندحر الاحتلال عن كامل أرضنا، ونستعيد حقوقنا كاملة غير منقوصة». وأضافت: «خيار شعبنا الفلسطيني هو المقاومة، وبها ندحر الاحتلال ونحرّر أرضنا ومقدساتنا… الضفة المحتلة ستبقى عصيّة على الكسر، وإن اغتيالات الاحتلال الجبانة لن تثنينا عن حمل البندقية ومواصلة المقاومة، فقد عرف شعبنا خياره بالتحدي، ولن يحيد أو يتراجع مهما كلف ذلك من ثمن».
الحركة دعت «جماهير الشعب الفلسطيني للتوحّد خلف راية المقاومة»، مؤكدةً أن «دماء نعالوة والبرغوثي لن تضيع، وأن حماس وفصائل شعبنا المقاومة ستواصل مقاومتها ثأراً لدماء شهدائنا، وحتى تحرير الأرض والإنسان».
من جانبها، قالت حركة «الجهاد الإسلامي» في بيان لها: «من جديد يترجل الشهداء الأبطال وتتواصل مسيرة المقاومة والجهاد المقدس غضباً وثورة في وجه الصهاينة المعتدين الظالمين، يأبى الأبطال في الضفة الصامدة إلا أن يواصلوا خيار المواجهة والمقاومة رغم كل العراقيل والقمع والاستهداف المزدوج».
وأضافت: «إننا نتوجه بالتحية إلى جماهير شعبنا وأهلنا الذين انتفضوا في وجه الاحتلال وواجهوا قواته وعصاباته المجرمة دفاعاً عن أرضهم ورفضاً للإرهاب والقتل الذي تمارسه سلطات الاحتلال بحق أبناء شعبنا»، مؤكدةً أن «هذه الدماء الزكية الطاهرة لن تذهب هدراً بإذن الله تعالى، وهي أمانة في أعناقنا وفي عنق كل حرّ يأبى الخنوع والاستسلام». ورأت أن «المقاومة نهج متواصل، وستبقى جذوة المقاومة متّقدةً في الدفاع عن الأرض والشعب والمقدسات». كما دعت «جماهير الشعب الفلسطيني في كل مكان إلى تصعيد المواجهات وإعلان الغضب في وجه الاحتلال».
أمّا حركة المجاهدين فقالت في بيان لها، إن «دماء شهداء الضفة وقود يزيد من لهيب الثورة على الغاصب المحتل وشاهد على توهج شعلة المقاومة وندعو لتصعيد المواجهة مع العدو». وأضافت إن «الشهداء الأبطال مثل البرغوثي ونعالوة هم من يرسمون بدمائهم حدود الوطن ويعبّرون بشكل حقيقي عن إرادة المقاومة لدى شعبنا، وليس أصحاب خيار التعاون الأمني»، معتبرةًَ أن «هذا العدوان الصهيوني المتواصل على شعبنا ومقدساته يؤكد على ضرورة تصعيد الانتفاضة في وجه هذا المحتل الغاصب».
إلى ذلك، حمّلت الحركة السلطة الفلسطينية مسؤولية محاصرة المقاومة في الضفة المحتلة، متسائلةً أين «هو سلاح السلطة المسلط على رقاب المقاومة؟ كان الأجدر بالسلطة أن تمكّن المقاومة في الضفة وتحمي المشروع الوطني وليس أن تترك أهلنا في الضفة وحدهم بمواجهة مباشرة مع الاحتلال».