أنهى وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، جولته التي بدأها في الرياض يوم أمس، واختتمها بزيارة خاطفة لأنقرة، اليوم، حيث التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره مولود جاويش أوغلو، للبحث في قضية جمال خاشقجي، الذي اختفى أثره لدى دخوله إلى مقرّ القنصلية السعودية في إسطنبول قبل أسبوعين، في وقت تستمرّ فيه التسريبات التركية التي تؤكّد مقتل الصحافي السعودي داخل قنصلية بلاده.وفيما لم يعرف فحوى المنقاشات الأميركية ـــــــ التركية، كان بومبيو قد قال في ختام مشاوراته في الرياض مع الملك سلمان ونجليه محمد وخالد، السفير (السابق) في واشنطن، ووزيري الداخلية، عبد العزيز بن سعود بن نايف، والخارجية، عادل الجبير، لبحث «مخرج» للقضية، إنّ السعوديين وعدوا بألّا يستثنوا أحداً في تحقيقاتهم بشأن اختفاء خاشقجي. وأضاف للصحافيين المسافرين معه قبل أن تقلع طائرته من الرياض إلى أنقرة، إن القادة السعوديين «وعدوا بمحاسبة كل شخص تكشف التحقيقات أنّه يجب أن يُحاسب»، مؤكداً أنهم «كانوا واضحين جداً... ويدركون أهمية المشكلة، ومصمّمون على الذهاب حتى النهاية» في تحقيقاتهم.
وفي بيان أصدره عقب نهاية المشاورات في الرياض، قال الوزير الأميركي: «أعتقد في نهاية هذه اللقاءات، أنّ هناك التزاماً جدّياً بتحديد كلّ الوقائع وضمان المحاسبة، بما في ذلك تحديد مسؤولية قادة ومسؤولين كبار في السعودية»، موضحاً أنّ السعوديين «ينفون بشدّة معرفة أيّ شيء عما حدث في قنصليّتهم في إسطنبول». وأكّد أنّ ابن سلمان «تعهّد بأنّ عمل المدّعي العام سيُقدّم للعالم بكامله تفسيراً كاملاً ونهائياً بكل شفافية»، لافتاً إلى أنّ المناقشات كانت «مباشرة وصريحة»؛ وأضاف: «شدّدتُ على أهميّة إجراء تحقيق معمّق وشفاف وسريع، وقد التزم القادة السعوديّون بذلك».

«لا أستطيع البوح»
وبعدما كان مقرراً تفتيش منزل القنصل السعودي، محمد العتيبي، الذي غادر إلى الرياض يوم أمس، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عقب لقائه نظيره الأميركي: «مع الأسف، لم يتم تفتيش مقرّ إقامة القنصل السعودي مساء أمس. السعوديون قالوا إن أسرة القنصل (كانت) في الداخل. ونأمل الدخول إلى هناك اليوم»، بينما ذكرت قناة «سي إن إن ترك» التلفزيونية أن فريق تحقيق سعودياً مؤلفاً من 11 فرداً وصلوا إلى مقرّ إقامة القنصل، اليوم، قبيل تفتيش مزمع ستجريه الشرطة التركية.
في السياق نفسه، أشار وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، إلى أنّ تفتيش مقرّ إقامة القنصل السعودي سيبدأ «فور التوصل إلى تفاهم مشترك بين البلدين»، مشيراً إلى أن هناك قبولاً من الجانب السعودي. وأضاف في حديث إلى «الأناضول»، إنّ اختفاء خاشقجي «ليس أمراً يتابعه العالم فحسب، بل هو اختبار للقوانين التركية»، موضحاً: «منذ اللحظة الأولى لاختفاء خاشقجي، حرصنا على أمرين اثنين، الأول القيام بما يجب في إطار القانون، والثاني ضبط النفس والالتزام بالمعاهدات الدولية والإقدام على خطوات شفافة».
ورأى أنّ تركيا قامت بإدارة مسألة اختفاء خاشقجي بشفافية وفي إطار القانون وأمام أنظار العالم، مقترحاً تسمية اختفاء خاشقجي بـ«حادثة 2 أكتوبر».
وعن تفتيش مقر القنصلية السعودية في إسطنبول أول من أمس، قال الوزير التركي: «لو كان صدر إذن بتفتيش القنصلية السعودية من قبل، لما أثير كل هذا الجدل، وما أستطيع أن أجزم به حيال اختفاء خاشقجي، أن على الجميع انتظار نتائج التحقيق»، لكنه أضاف أنّ «لديّ قناعات قويّة في قضية اختفاء خاشقجي، ولكنّي لا أستطيع البوح بها لأن هذا الأمر من اختصاص القضاء».
وفي أحدث التسريبات التي تتحدّث عن مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، وتوجّه أصابع الاتهام مباشرة إلى الرياض، أفادت صحيفة «يني شفق» التركيّة بأن الصحافي السعودي تعرّض للتعذيب قبل أن يقطع رأسه داخل القنصلية، مؤكّدة أنّها تستند في معلوماتها تلك إلى تسجيلات صوتية. وروت الصحيفة أنه تمّ تعذيب خاشقجي خلال استجوابه عبر قطع أصابعه، مشيرةً إلى أنها تملك عدّة تسجيلات صوتية تثبت ذلك. وقالت إنه بعد التعذيب، تم قطع رأس الصحافي السعودي.
من جهته، أورد موقع «ميدل ايست آي» الإلكتروني، نقلاً عن مصدر تركي قوله إنه «لم تكن هناك محاولة لاستجواب» خاشقجي، وإن الفريق السعودي المؤلف من 15 فرداً «حضر لقتله»، مؤكداً أن صلاح محمد الطبيقي وهو رئيس المجلس العلمي للطبّ الشرعي في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، الذي كان ضمن فريق الاغتيال، بدأ بتقطيع أعضاء الصحافي، فيما «كان خاشقجي لا يزال على قيد الحياة».