أعلنت «هيئة الحقيقة والكرامة» في تونس، أمس، أنّها سلّمت القضاء المختص ملفين متعلقين بانتهاكات إنسانية «جسيمة» تورط فيها 47 شخصاً، من بينهم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وعدد من وزرائه السابقين.وقالت سهام بن سدرين، وهي رئيسة هذه الهيئة المكلفة بإنصاف ضحايا التعذيب بين 1955 و2013، إنّ الهيئة سلمت للقضاء المختص في ولاية نابل (شمال شرق) ملف قضية تعذيب رشيد الشماخي، «حتى الموت»، في تشرين الاول/اكتوبر 1991، علماً بأنّ بن علي حُكِم في 2012 بالسجن خمس سنوات في قضية تعذيب عُرِفت باسم «براكة الساحل».
وأوضحت بن سدرين، في مؤتمر صحافي، أنّ «من بين 33 من مقترفي الانتهاكات ضد الانسانية في هذا الملف، وزراء ومسؤولون سامون سابقون في وزارات الداخلية والصحة والعدل». وأكدت أنّ الوزراء المعنيين الذين لم تكشف عن أسمائهم تم اإعلامهم آنذاك بقضية تعذيب رشيد الشماخي حتى الموت، ولكنهم «تستّروا على القضية». ورشيد الشماخي هو سجين «إسلامي» قضى تحت التعذيب في 17 تشرين الاول/اكتوبر 1991.
وفي 2 آذار/مارس الفائت، سلمت الهيئة للقضاء المختص بولاية قابس ملفها الاول المتعلق بقضية كمال المطماطي، «الإسلامي» الذي كان ضحية اختفاء قسري في 7 تشرين الاول/ اكتوبر 1991 في قابس. وأعلنت بن سدرين أنّ المحكمة الابتدائية بقابس ستنظر في القضية في 29 ايار/مايو المقبل والمتورط فيها 14 شخصاً من وزراء سابقين ومسؤولين زمن حكم بن علي.
وخلال جلسات الاستماع العلنية التي نظّمتها الهيئة في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، روت لطيفة، أرملة المطماطي، كيف تم توقيف زوجها في مكان عمله قبل إيداعه السجن وتعذيبه، وظلت تبحث عنه من سجن الى آخر حتى علمت بأنه قُتل. وفي عام 2012، فتح تحقيق في القضية، وأكد شهود عيان أن المطماطي عُذّب حتى الموت خلال 48 ساعة من توقيفه.
وتم إيداع الملفين القضاء المختص، لأنّ الهيئة جمعت «أدلة ملموسة تُبيّن أنّ بن علي قام بنفسه بتزييف القضية استناداً إلى مقترحات من أحد وزرائه»، وفقاً لتصريح بن سدرين. كذلك أكدت أنّ الأدلة «تكشف عن وثائق مكتوبة بخط اليد أو وقّعها مسؤولون سامون في الدولة علموا بالجرائم وشاركوا فيها».
وطلبت الهيئة أن يحضر مرتكبو هذه الانتهاكات أمامها ويعترفوا بأفعالهم ويقدموا اعتذاراتهم للضحايا، وهو ما لم يحصل، ما دفعها الى تقديم الملفات الى القضاء المختص رغبة منها في مكافحة ظاهرة الإفلات من العقاب. وتواصل هيئة الحقيقة والكرامة عملها حتى كانون الاول/ديسمبر المقبل بالرغم من رفض أكثر من ستين نائباً في البرلمان (من 217) تمديد مدة عملها التي تنتهي في الأصل مع نهاية أيار/مايو المقبل.