بعد أقلّ من أربع وعشرين ساعة على إصدارها أحكاماً بإعدام مواطِنين، وسجن 56 آخرين، وإسقاط الجنسية عن 47 منهم، أصدرت السلطات البحرينية، أمس، أحكاماً بالسجن والإعدام وإسقاط الجنسية على 26 مواطناً، بتهمة «قتل شرطي». وقضى الحكم الصادر عن المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة بإعدام المواطن موسى عبد الله موسى جعفر، والسجن المؤبد على 13 مواطناً، والسجن لـ15 سنة على 8 آخرين، والسجن ما بين ثلاث وخمس سنوات على أربعة إضافيين، إلى جانب إسقاط الجنسية عن 25 من أولئك المدانين.


ورأى «معهد البحرين للحقوق والديمقراطية»، الذي يتخذ من لندن مقراً له، أن تلك الأحكام «تؤكد السخرية من العدالة في البحرين، وتظهر اتجاهاً مثيراً للقلق»، مشيراً إلى أن «نظام العدالة الجنائية في البلاد يستند إلى الاعترافات القسرية في إصدار أشد العقوبات». وأوضح المعهد أن الأحكام الجديدة «أشرف عليها القاضي المدعو علي الظهراني، المعروف بإصداره أشد الأحكام بحق المواطنين والنشطاء».
وجاء صدور أحكام الخميس بعد ساعات فقط على إصدار المحكمة نفسها قراراً بإعدام مواطِنين، والسجن المؤبد بحق 19 مواطناً، والسجن لـ15 عاماً على 17 آخرين، والسجن لـ10 سنوات على 9 إضافيين، والسجن لـ5 سنوات على 11، مع إسقاط الجنسية عن 47 من هؤلاء، بتهمة «تهريب متهمين»، و«تشكيل خلية إرهابية»، و«قتل أفراد شرطة عمداً». وأثارت الأحكام الصادرة أول من أمس ردود فعل منددة في الداخل والخارج، كان أبرزها بيان صادر عن جمعية «الوفاق» المعارِضة اعتبر «صدور هذه الأحكام تصعيداً من قبل النظام لخياراته الأمنية في مواجهة حراك سياسي يطالب بالتداول السلمي للسلطة»، مجدداً الدعوة إلى «ضرورة العودة للبحث في جذور الأزمة الدستورية، وتكدس الصلاحيات بيد الملك».
من جهته، أكد «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان»، الذي يتخذ من جنيف مقراً له، أن «ضمانات المحاكمة العادلة لم تكن متوفرة بشكل كامل خلال المحاكمات الأخيرة». ولفتت الباحثة القانونية في المرصد، إيناس زايد، إلى أنه «لم تكن هناك تهم محددة لهؤلاء الأشخاص، كما أن هناك شبهات بانتزاع الاعترافات تحت التعذيب».
وسبق صدور أحكام الأول من شباط/ فبراير الجاري تحديد الـ21 من الشهر الحالي موعداً لعقد جلسة استئناف لـ13 مواطناً، كانت محكمة عسكرية قد أدانتهم في 25 كانون الأول/ ديسمبر 2017 بمحاولة اغتيال القائد العام لـ«قوة دفاع البحرين» (الجيش)، خليفة بن أحمد آل خليفة، وحكمت بالإعدام على ستة منهم. وفي ظل توقعات بأن تؤيد محكمة الاستئناف الأحكام الصادرة بحق المتهمين، دعت منظمة «أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين»، أمس، إلى إلغاء تلك الأحكام، مشيرة إلى أن محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية إنما تشكل «انتهاكاً لحقوق المحاكمة العادلة»، مضيفة أن «العديد من المتهمين أفادوا بتعرضهم للتعذيب لانتزاع الاعترافات».
وتأتي موجة أحكام الإعدام الأخيرة في وقت بدأت فيه السلطات حملة «ترحيل قسري» لمواطنين كانت قد أُسقطت عنهم جنسياتهم. ومن بين من تم ترحيلهم مطلع الأسبوع الجاري الأخوان إسماعيل وإبراهيم درويش وعدنان كمال وحبيب درويش. وبحسب بعض المعلومات، فإن المنامة حددت موعداً نهائياً أيضاً لترحيل الإخوة محمد، عبد الأمير، وعبد النبي الموسوي، ومريم رضا زوجة الأخير.
ورأت منظمة العفو الدولية، في بيان، أن إبعاد حكومة البحرين أربعة مواطنين أُلغيت جنسياتهم في عام 2012 «يمثل استخفافاً آخر بمواطنيها، وبحقوق الإنسان، والقانون الدولي». ولفتت مديرة البحوث في الشرق الاوسط في المنظمة، لين معلوف، إلى أن «الحكومة البحرينية تستخدم إسقاط الجنسية أداة لسحق جميع أشكال المعارضة»، مستغربة صمت «الحلفاء الرئيسيين مثل المملكة المتحدة، التي يمكنها استخدام نفوذها لإدانة هذه الأعمال علناً». ودعت معلوف السلطات إلى «وقف جميع عمليات الطرد المقررة فوراً، والسماح للذين طُردوا بالفعل بالعودة إلى البلاد وإعادة جنسيتهم». وأكدت جمعية «الوفاق»، بدورها، في بيان، أن «الأيام المقبلة ستشهد ترحيل مواطنين آخرين لهم امتدادات راسخة في بلدهم»، واصفة «التهجير القسري» بأنه «سياسة عنصرية طائفية، تعبر عن سلوك انتقامي»، وداعية المجتمع الدولي إلى «العمل لوقف هذا المشروع العنصري وغير الإنساني».
(الأخبار)