غزة | كشفت مصادر مقرّبة من حركة «حماس» عن اتصالات جديدة أجراها جهاز «المخابرات العامة» المصرية بالحركة منذ مساء أول من أمس حتى صباح أمس، بعد سقوط أحد الصواريخ التي تطلق من غزة على فلسطين المحتلة منذ أسبوعين، على «كيبوتس» سكني، من دون أن تتصدى له منظومة «القبة الحديدية». وكان غرض الاتصال العمل مجدداً على تثبيت التهدئة في القطاع ومنع التدحرج إلى مواجهة عسكرية جديدة.
وفق المصادر، طلبت المخابرات المصرية من «حماس» العمل على «منع التنظيمات الصغيرة من إطلاق الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة، لأن هذا الأمر يشكّل ضغطاً على الحكومة الإسرائيلية، ما قد يدفعها إلى الذهاب إلى ردود قد تجلب حرباً جديدة». كذلك نقلت «المخابرات» أن «إسرائيل تهدد بجعل الحرب المقبلة مختلفة عن السابق، وستكون مدمرة بصورة كبيرة». لكن الرد الحمساوي كان أن الحركة «ليست مسؤولة عن غزة» بعد تسليمها الحكم لحكومة «الوفاق الوطني»، مؤكدة للقاهرة أنها «لا تسعى إلى الحرب حالياً... لكنها في الوقت نفسه لن تصمت على كسر قواعد الاشتباك واستمرار قصف مواقعها العسكرية».

تمنى عباس خلال
اجتماعه مع أمير قطر أن
تموّل الدوحة رواتب غزة


وقصف العدو الإسرائيلي فجر أمس موقعين تابعين لـ«وحدة الضفادع البشرية» في «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، وذلك شمال غرب قطاع غزة، ما أدى إلى تدمير الموقعين بصورة شبة كاملة بالإضافة إلى إحداث أضرار في منازل المواطنين المجاورة للمكان. ووفق مصادر أمنية، تركز الضربات الإسرائيلية الأخيرة على محاولة المساس بقدرات حساسة للكتائب، كوحدات التصنيع العسكري والوحدات الخاصة التي قد تشكل تهديداً كبيراً في أي معركة مقبلة.
في المقابل، يبدي مستوطنو غلاف غزة تخوفهم من تدحرج الأمور إلى حرب جديدة، إذ نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن بعضهم القول، في أعقاب سقوط الصاروخين الأخيرين، إن الوضع لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل، وإنهم عانوا هذا الشعور قبيل الحرب الأخيرة، معتبرين أن الأمور تسير نحو «الجرف الصامد 2»، وهي التسمية الإسرائيلية للحرب الأخيرة. كذلك تحدثوا عن أن التوتر الأمني القائم منع كثيرين من السياح من المجيء إلى مناطق الغلاف، بعدما ألغوا رحلاتهم تخوفاً من التصعيد، مطالبين الحكومة بإيجاد «حل عدا قصف مناطق فارغة». ونُقل عن رئيس تجمع «مستوطنات ساحل عسقلان»، يائير فرجون، قوله إن الوضع لا يمكن أن يستمر بهذه الحال، داعياً إلى «محاسبة حماس على ذلك، كونها المسؤولة عن غزة».
من جانب آخر، تستمر أزمة «الفراغ» في إدارة غزة، مع تسلم «الوفاق» عدداً من الإدارات وبقاء أخرى في يد الحكومة السابقة التي شكلتها حركة «حماس». وبينما تواصل رام الله عقوباتها، تخشى «حماس» من تسليم كل شيء من دون حل مشكلة موظفيها الذين لم يتسلموا أخيراً سوى راتب تشرين الأول الماضي، وذلك بنسبة 40% قبضوها على دفعتين من حساب وزارة المالية في غزة (عبر «حماس»)، فيما قالت الوزارة إنها صرفت الدفعتين من الإيرادات الداخلية.
ووفق مصادر فلسطينية، فإن زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى قطر، قبل يومين، بحثت هذا الملف، حيث جدد عباس طلبه من الأمير تميم بن حمد أن تتكفل الدوحة (أعلنت منذ شهرين رفضها تمويل رواتب غزة) صرف الرواتب لموظفي القطاع لمدة ستة أشهر، فيما ستبحث رام الله طريقة لإدخال هذه الأموال ودفعها عبر السويسريين، من دون أن تمر بالكشوف الرسمية للسلطة حتى لا تفرض عليها عقوبات أميركية أو إسرائيلية. ونقلت المصادر أن عباس قدم هذا الطلب مجدداً قبيل توجهه إلى السعودية، بصيغة أنه لا يمكن للقطريين الخروج من المشهد الفلسطيني كلياً وتركه عرضة للضغوط السعودية، فيما وعد تميم ببحث الأمر رادّاً عليه: «إن شاء الله خير».
في هذا الإطار، قال مصدر في «مالية غزة» إن الأخيرة ترفض تسليم الإيرادات الداخلية كاملة لحكومة «الوفاق» ما لم تُقدم دفعات مالية لموظفي غزة. وعن الأزمة الجديدة في وزارة الصحة، قال المصدر إن «التوافق» تسلمت «الصحة» رسمياً الشهر الماضي، ومن واجبها التكفل بمصاريف المستشفيات كافة، خاصة أنها تسلم إيرادات القطاع عن المعابر الحدودية كافة.
وعن أزمة الوزارة، قال المتحدث باسمها في غزة، أشرف القدرة، إن مستشفيات القطاع الحكومية «باتت من دون وجبات غذائية بعد توقف الشركة الموردة لها عن إيصال الطعام نتيجة عدم حصولها على مستحقاتها المالية». وأضاف القدرة، في حديث إلى «الأخبار» أمس، أن التكلفة الشهرية لهذه الوجبات نصف مليون شيكل شهرياً (التكلفة السنوية مليون وسبعمئة ألف دولار) «تغطي نحو 86 ألف وجبة شهرياً كانت تقدم إلى مستشفى الشفاء ومجمع النصر والدرة وبيت حانون والإندونيسي، وتتنوع ما بين فطور وغداء وعشاء، وضمن مواصفات طبية خاصة معتمدة دولياً».
إلى ذلك، مدّدت السلطات المصرية عمل معبر رفح، بين غزة وسيناء، ليوم واحد غداً (الثلاثاء)، على أن يكون السفر خاصاً بفئة الطلاب، وذلك بعدما أرجعت غالبية الطلاب قبل يومين ومنعوا من السفر.