القاهرة ــ الأخبارهزّ الهجوم الذي استهدف قوة أمنية مصرية كانت في طريقها لمطاردة «مجموعة من العناصر التكفيريين»، عند أطراف محافظة الجيزة، الشارع المصري والحكومة على حدٍّ سواء، بسبب ضخامته لناحية عدد الشهداء الكبير. وآلم الهجوم الرأي العام الذي ما برح في الأيام الماضية ينشر صور الشهداء الذين قيل إنّه وصل عددهم إلى أكثر من 50 شخصاً، غالبيتهم من العساكر المجندين.
ولا يزال الغموض يحيط بالحصيلة النهائية للضحايا، في وقت تحدثت فيه وزارة الداخلية في بيانها الرسمي عن «استشهاد 17 شخصاً، من بينهم 12 ضابطاً في القوات الخاصة وفقدان ضابط آخر»، قبل أن تتحدث مصادر أمنية عن وصول العدد إلى أكثر من 50 شخصاً.

وحتى هذه الساعة، لا تزال المعلومات المتوافرة عن الهجوم أوّلية، في ظل بيانين مقتضبين للغاية من قبل الداخلية، صدر أحدهما بعد 24 ساعة على بداية الأحداث، وأفاد بـ«توجه قوة أمنية من مديرية أمن الجيزة تضم مجموعة من ضباط العمليات الخاصة والأمن الوطني في فوج أمني لتنفيذ عملية مداهمة بعمق الصحراء الغربية على بعد نحو 150 كلم، لكن القوة الأمنية فوجئت خلال سيرها في الطريق الصحراوي بقذائف هاون دمرت أول مدرعتين بشكل كامل وأسقطت العدد الأكبر من الضحايا، قبل أن تبدأ المواجهات مع باقي أفراد الأمن».
ووفق إفادات لم يتم التأكد كلّياً من صحتها، فإن الضباط والجنود «ارتبكوا في بداية الهجوم، فقام المهاجمون بإلقاء القبض على عدد منهم وتصفيتهم»، فيما فرّ آخرون هاربين ببعض سياراتهم، بينهم ضابطان تم إنقاذهما في صباح اليوم التالي عبر طائرات الهليكوبتر، بعد فقدان الاتصال معهم لأكثر من 12 ساعة. ومنعت قوات الأمن أي شخص من تصوير موقع الحادث والوصول إليه، وسط إجراءات أمنية مشددة في عمق الصحراء.
وتدعم هذه الإفادات بلاغات بمواقع العساكر، والتي تم إرسالها عبر اللاسلكي، حيث رُصد استيلاء الإرهابيين على أجهزة الاتصال اللاسلكي الخاصة بالشرطة، والتي بلغوا من خلالها عن مواقع خاطئة للهجوم بهدف مهاجمة قوات الإنقاذ والدعم التي كانت في طريقها. لذا، تأخرت هذه القوات حتى الصباح بانتظار وضوح الرؤية، فيما تدخل الجيش بطائرات الهليكوبتر لمتابعة ما يحدث.
الحادث الذي يعتبر الأضخم في السنوات الأخيرة، يقول مصدر أمني إنه وقع «نتيجة تقصير أمني فادح وخطأ بعدم التنسيق مع القوات المسلحة التي توفر غطاءً جوّياً للقوات في مثل هذه المناطق، وذلك على خلفية رغبة قيادات الشرطة في التحرك بمفردهم ومن دون مساعدة من الجيش الذي تنتقل إليه القيادة في حال القيام بعمليات مشتركة».
ويضيف المصدر في حديثٍ إلى «الأخبار» أنه سيتم إحالة جميع المشرفين على خطة تنفيذ العملية على التحقيق، خصوصاً أنّ العملية «لم تراعِ سلامة القوة الأمنية في ظل مرورها في طريق مكشوف وعدم تأمينها جوياً كما يحدث في سيناء». ويؤكد أنّ العملية «تشكّل تحوّلاً مهماً في طبيعة العمليات التي تستهدف الشرطة خارج سيناء»، إذ للمرة الأولى يتم تنفيذ عملية استهداف على طريق سريع بهذه الأسلحة الثقيلة التي كانت مفاجأة للقوات، ولم تستطع التعامل معها بشكل جيد، خاصة في البداية.
وبينما يتردد أن الضابط المفقود وقع أسيراً في أيدي الإرهابيين، تؤكد مصادر أمنية أن رجال الشرطة «تعرضوا لخيانة من الداخل بنقل معلومات المأمورية (المهمّة) إلى الإرهابيين قبل تحرك القوة، ما جعلها صيداً ثميناً لهم، لا سيما أن الطريق الذي سلكوه هو الطريق الوحيد المؤدي إلى منطقة الواحات». وتواصلت جهود البحث عن الضابط المفقود في محيط موقع الأحداث ولم يتم التوصل إليه، بينما بوشرت جهود مكثفة في مختلف المحافظات المصرية في الصحراء الغربية، في محاولة للوصول إلى مرتكبي العملية الذين تمكنوا من إجلاء غالبية مصابيهم في سيارات.
ووفق المعلومات المتوافرة، حصلت وزارة الداخلية على معلومات عن «وجود خلية إرهابية تتخذ من الكهوف الجبلية في منطقة طريق الواحات مقراً للتدريب على تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف في الأساس وسط القاهرة، خلال الأسابيع المقبلة».
من جهة أخرى، أعلنت حركة «حسم»، التي سبق أن نفّذت عمليات ضد الشرطة، مقتل 56 ضابطاً وجندياً في العملية، وذلك في بيان صدر بعد ساعات على الحدث، قبل أن يتم التشكيك في البيان ومصدره، علماً بأن الحركة وعدت بنشر تسجيل للعملية.