إسطنبول | كشف قيادي من جماعة «الإخوان المسلمين»، يقيم في السودان منذ إطاحة الرئيس محمد مرسي، أن السلطات السودانية «بدأت تستشعر الحرج في الفترة الأخيرة من وجود الإخوان على أراضيها»، وهو ما دفع الاستخبارات السودانية إلى مخاطبة البعض منهم بضرورة رفع هذا الحرج والرحيل فوراً عن أراضي البلاد.
وسبق أن طردت الاستخبارات السودانية عضو مجلس الشعب السابق في مصر والقيادي في «الإخوان»، ياسر حسانين، إلى أوغندا عقب القبض عليه وحبسه خمسة أشهر إثر اتهامه بترتيب تدريب شباب «الإخوان» في السودان على العمليات المسلحة، وذلك عقب عثور قوات الأمن السودانية، في شباط/ فبراير من العام الجاري على مواد لصنع متفجرات وجوازات سفر أجنبية، خلال مداهمتها شقة جنوبي العاصمة الخرطوم للتحقيق في ملابسات انفجار صغير، إلا أنه عاد مرة أخرى إلى السودان بعد هدوء الأوضاع.
وأعلن بيان لوزارة الداخلية السودانية في حينه، أن قنبلة انفجرت أثناء محاولة شخص تجميعها، ما أدى إلى إصابته بجروح. وأدى انفجار القنبلة إلى القبض على عشرات من المنتمين إلى «الإخوان» وبعض القيادات، قبل أن تشرف الاستخبارات السودانية على التحقيق معهم وتتهمهم بتهديد الأمن القومي ودفعها إلى مواجهة سياسية مع القاهرة.

مثّل السودان معبراً
لـ«الإخوان» إلى سوريا
وليبيا والعراق

التحوّل الجديد في العلاقة بين «الإخوان» والإدارة السودانية يربطه البعض بالتنسيق السوداني ــ الأميركي في ملف الإرهاب، وبالتنسيق مع السعودية والإمارات، وهو ما نتج منه رفع إدارة دونالد ترامب العقوبات الاقتصادية عن السودان التي استمرت 20 سنة كاملة. وهو ما ربطه البعض برغبة السودان في تقليل الضغط عليه دولياً من خلال تحجيم دور «الإخوان» على أراضيها.
ويقيم الآلاف من أعضاء «الإخوان» قيادات وشباباً في السودان منذ أربع سنوات، تاريخ إطاحة محمد مرسي، ويدرس العشرات من طلاب «الجماعة» في الجامعات والمدارس هناك. ويُعَدّ السودان المعبر الذي ينطلق منه «الإخوان» إلى قبرص وتركيا وأوغندا وماليزيا والسعودية وقطر والصومال.
وفي ما يتعلق بعدد الذين طولبوا بالرحيل من السودان استجابةً لضغوط الاستخبارات، كشف قيادي «إخواني» رفض الكشف عن اسمه في حديثٍ إلى «الأخبار»، «تجنباً للحرج مع قيادات الاخوان في السودان»، أن عشرات القيادات طُلب منها الرحيل، ومن خرج منهم حتى الآن إلى أوغندا وماليزيا هم ياسر حسانين، وهو خروج سيكون نهائياً، والقياديان أحمد عباس وعاصم عبد الوهاب، وسيتبعه وفقاً للقيادي الإخواني «خروج العديد من القيادات في القريب العاجل».
وسبق أن اتهمت قيادات محسوبة على الجناح الذي يتبنى العمل المسلح في «الجماعة»، ويمثلها محمد كمال الذي قامت وزارة الداخلية المصرية بتصفيته قبل عام، قيادات محسوبة على «جبهة محمود عزت» بتسليم بعض شباب «الإخوان» في السودان للاستخبارات بسبب قيامهم بالتدريب على حمل السلاح وصناعة المتفجرات، وهو ما نفته جبهة عزت في حينه.
باتت الخرطوم بالنسبة إلى السلطات المصرية معبراً لهروب شباب «الإخوان» إلى بعض الدول التي تشهد حروباً حالياً، سواء ليبيا أو سوريا أو العراق. وسبق أن اتهم وزير الداخلية المصري، مجدي عبد الغفار، السودان بإيواء المتهم عن تفجير الكنيسة البطرسية في كانون الأول/ ديسمبر 2016، محمود شفيق محمد مصطفى، الذي أعلن اسمَه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في جنازة الضحايا بحضور البابا تواضروس الثاني.
وفي سياق متصل، قال قيادي في «الإخوان» يقيم في الدوحة، إن الأزمة الخليجية الأخيرة كشفت موقف «الجماعة» من النظام القطري، خصوصاً أن «الإخوان» لم تصدر أي مواقف رسمية داعمة لقطر وتركيا على حساب السعودية، وهو ما فهمت منه الدوحة أن «الإخوان» لا ترغب في افتعال أزمة سياسية علنية ضد السعودية طمعاً في لعب الملك سلمان دوراً في حلحلة الأزمة المجمدة في مصر بين الدولة والإسلاميين. وقال القيادي المحسوب على «جبهة محمود عزت» في «الإخوان»، إن النظام القطري «قرر عدم التعامل سياسياً مع الإخوان والتأكيد عليهم بعدم التعامل السياسي العلني في الدوحة»، مؤكداً أن «من يخالف ذلك سيُرحَّل إلى تركيا أو أوغندا أو ماليزيا على الفور».