لم يستطع طبيب الأسنان العشريني٬ الأسير المضرب عن الطعام منذ 77 يوماً، محمد البلبول، تمييز رائحة حساء قدمته له محاميته بعد إعلانه تعليق الإضراب. هذه المدة التي زادت على شهرين كانت كفيلة بأن تنسيه رائحة الحساء ومذاقه!ومن المقرر في الثامن من كانون الثاني المقبل٬ أن تفرج سلطات العدو الإسرائيلي عن محمد وشقيقه محمود، اللذين خاضا الإضراب لنيل حريتهما. كما ستفرج سلطات العدو اليوم عن مالك القاضي، رفيقهما في الإضراب، وهو موعد انتهاء اعتقاله الإداري٬ من دون تجديد٬ وفق «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» الفلسطينية.
يتعمّد العدو إطالة الإضراب لترك آثار صحية بعيدة المدى

طوال 77 يوماً٬ كان الوضع الصحي للأسرى الثلاثة يزداد سوءاً: محمد القابع في مستشفى «آساف هيروفيه» في الداخل المحتل فقد بصره جزئياً، ودخل شقيقه محمود الراقد في مستشفى «الرملة» في غيبوبة استيقظ منها بعد تسعة أيام. أما القاضي، وهو أصغر أسير إداري في سجون العدو، فأصيب بالتهاب رئوي حاد وفقدان السمع وتلوث جرثومي رقد إثرها في غرفة معقمة في قسم العناية المركزة في مستشفى «آساف هيروفيه».
يقول بسام ماضي، وهو طبيب في «الإغاثة الطبية الفلسطينية» في محافظة سلفيت، إن «سلطات الاحتلال تتبع سياسة مدروسة لترك آثار صحية بعيدة المدى على الأسرى المضربين»، مؤكداً أن «الإنسان يستطيع التأقلم مع الامتناع عن الطعام لمدة قصيرة٬ لكن الامتناع لمدة طويلة يؤثر في الأعضاء الحيوية في جسده كالقلب والدماغ والجهاز العصبي... لأن الجسم يبدأ باستنفاد مخزونه من الغذاء». واستدرك ماضي: «هذا يعتمد على الحالة الصحية للإنسان المضرب وعمره ووضعه النفسي... الأسرى قبل الإضراب عاشوا في وضع سيئ من ناحية التغذية والعلاج».
يتابع الطبيب: «بعد مدة معينة، يبدأ جسم الإنسان بفقدان وظائفه الأساسية٬ ويدخل الجسد في غيبوبة٬ وهنا تبدأ مرحلة الخطر كما حدث مع مالك القاضي؛ عندما يوضع الإنسان على جهاز التنفس الصناعي تصبح إزالته عن الجهاز مشكلة حقيقية».
أما في حالة البلبول، الذي فقد بصره، فأشار ماضي إلى أن ما حدث «تأثر في الجهاز العصبي سبب ضرراً في جهاز النظر، وهذه الحالة تحتاج إلى خبراء وفحص ماهية الخلل في الجهاز البصري ونوعية التلف».
في السياق، ذكرت «هيئة الأسرى والمحررين» أن سلطات الاحتلال صعدت في الآونة الأخيرة إصدارها أوامر الاعتقال الإداري. وقالت في تقرير إن «سلطات الاحتلال أصدرت منذ عام 2000، 20 ألف أمر إداري، ما جعله وسيلة عقاب جماعي». وأضاف التقرير: «الاعتقالات الإدارية خلال 2016 تزايدت بنسبة 50% عن 2015، ما رفع عدد الإداريين في السجون إلى ما يقارب 750 معتقلاً، 60% منهم جدّد لهم الاعتقال أكثر من مرة واحدة».