بعد إحكام الطوق حول أحياء حلب الشرقية، واصلت قوات الجيش السوري والحلفاء توسيع رقعة السيطرة، حفاظاً على الإنجاز. ولم يقتصر عمل القوات على التثبيت فحسب، بل أخذ طابعاً هجومياً وقصفاً جوياً ومدفعياً عنيفاً جدّاً على نقاط المسلحين جنوبي «عاصمة الشمال».وأحكم الجيش وحلفاؤه سيطرتهم على قرية المشرفة، وتلة المقالع، وكتيبة الدفاع الجوي، ومنطقتي البرادات والزيوت، إثر مواجهات عنيفة مع مسلحي ائتلاف «جيش الفتح»، ما أدّى إلى وقوع العديد منهم بين قتيل وجريح. ورافق التقدّم البري لقوات الجيش غطاء جوي ومدفعي كثيف، إذ دمّر الطيران الحربي السوري مستودعات خان طومان، في الريف الجنوبي لحلب، وفق ما ذكر مصدر ميداني، بالتوازي مع قصف طاول خطوط إمداد المسلحين وتجمعاتهم، جنوبي المدينة، والريف المحيط.
وتؤكد مصادر ميدانية أن الجيش وحلفاءه يريدون استعادة كل ما خسروه منذ بداية آب الماضي، بل في خططهم توسيع رقعة الأمان حول مدينة حلب، بصورة تؤدي إلى تيئيس المسلحين الموجودين في الأحياء الشرقية من إمكان فك الحصار عنهم مستقبلاً. ويرى المسؤولون العسكريون في جبهة دمشق وحلفائها أن إحكام الحصار سيدفع مسلحي حلب إلى التفكير في «خيارات انهزامية»، كتلك التي لجأ إليها مسلحو حمص سابقاً، وداريا قبل أيام. وإلى أن يتحقق ذلك، سيستمر المسلحون في محاولات فك الحصار، ومنع الجيش وحلفائه من تعزيز الطوق. فيوم أمس، ورغم الخسائر الجسيمة التي مُنيت بها جبهة النصرة وحلفاؤها على مدى الشهر الأخير في جبهة حلب الجنوبية، أعلنت «غرفة عمليات فتح حلب»، مساء أمس، بدء معركة للسيطرة على حي العامرية، جنوبي المدينة. وأشارت «تنسيقيات» المسلحين إلى أن «حركة أحرار الشام» استهدفت المباني الواقعة تحت سيطرة الجيش «بسيارة مفخخة مسيّرة عن بعد، تزامناً مع اقتحام المقاتلين للحي»، فيما زعم «جيش الفتح» سيطرته على كتلة «المباني الزرق» جنوبي العامرية، بعد اشتباكات عنيفة مع وحدات الجيش.
دفعت تركيا أمس بتعزيزات عسكرية جديدة نحو ريف حلب الشمالي

لكن مصدراً ميدانياً تحدث إلى «الأخبار»، أكد أن الجيش والحلفاء صدّوا هجوم المجموعات المسلحة باتجاه نقاطه في حي العامرية، وتمكّنوا من إفشال مسار آلية مفخخة مسيّرة، ما أدى إلى انفجارها بعيداً عن هدفها، موقعاً عدداً من القتلى والجرحى في صفوف المسلحين.
وسعت المجموعات المسلحة إلى السيطرة على حي العامرية، باعتبار أن السيطرة عليه تؤدي إلى قطع طريق إمداد الجيش من الحمدانية إلى الكلية الفنية، ويؤدي إلى وصول مسلحي الفصائل إلى الأوتوستراد الواقع بين دوار الراموسة ومعمل الإسمنت.أما في ريف حلب الشمالي، فقد دفعت تركيا، أمس، بتعزيزات عسكرية جديدة لمساندة مسلحي «الجيش الحر»، الذي سيطر على سبع قرى جديدة في المنطقة الواقعة بين مدينة جرابلس وبلدة الراعي، وذلك إثر اشتباكات مع مسلحي «داعش»، ضمن حملة «درع الفرات» التركية.
في غضون ذلك، كان لافتاً إعلان واشنطن، أمس، قيام مبعوث الرئيس الأميركي في «التحالف الدولي»، بريت ماكغورك، بزيارة للأراضي السورية الأسبوع الماضي، التقى خلالها قياديين أكراداً، حيث أكد التزام بلاده تقديم الدعم لهم. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لوكالة «فرانس برس» إن ماكغورك التقى «في سوريا قياديين في قوات سوريا الديموقراطية، حيث أشاد بتحرير منبج من إرهابيي تنظيم (داعش)، وأكد الدعم المتواصل» لتلك القوات في حربها ضد «داعش». وحث ماكغورك، وفق المتحدث، على «توحيد الجهود ووقف القتال بين كافة الأطراف التي تقاتل التنظيم في شمال سوريا».
وبالإضافة إلى سوريا، عقد ماكغورك سلسلة لقاءات في تركيا أيضاً. وقد التقى، وفق المتحدث، «مسؤولين أتراكاً رفيعي المستوى لبحث دعم الولايات المتحدة لجهود تطهير المنطقة الحدودية مع تركيا من تنظيم (داعش)». وبحث ماكغورك في تركيا أيضاً العملية العسكرية في الموصل العراقية.

ريف حماه: نحو انكفاء «غزوة» المسلحين

سيطرت وحدات الجيش على قرية خربة الحجامة، شمال غربي بلدة قمحانة، في ريف حماه الشمالي، إثر مواجهات عنيفة ضد مسلحي «جند الأقصى» وحلفائه. وتأتي المواجهات القائمة بين الطرفين عقب انكفاء هجوم مسلحي «الأقصى»، المسمّى «غزوة مروان حديد»، واستعادة القوات لعددٍ من القرى والمناطق التي خسرتها في الأيام القليلة الماضية.
كذلك سيطرت الوحدات، أيضاً، على تل المزرعة جنوب غربي جسر معردس، عقب مواجهات عنيفة، أوقعت عدداً من القتلى والجرحى في صفوف المسلحين، بالتوازي مع استهداف الجيش لتجمعات المسلحين وخطوط إمدادهم في المنطقة.
على صعيد متصل، اتفق ممثلون عن «الأقصى» و«جيش الفتح» على «فضّ النزاع الحاصل في منطقة أريحا»، جنوبي إدلب، على أن يخضع الطرفان لـ«لجنة قضائية شُكّلت تموز الماضي». ووفق بيان، تعهد ممثلو الطرفان بتنفيذ قرارات اللجنة، وتسليم المطلوبين للقضاء، إضافة إلى سحب حواجزهم، وعدم تعرض مسلحيهم لبعضهم مرّة أخرى. وكانت أريحا قد شهدت، مساء الأحد، اشتباكات بين مسلحي «أحرار الشام» و«الأقصى»، عقب مقتل المسؤول العسكري للأخير في المدينة، رعد أبو صطيف، على أيدي مسلحي «الأحرار».
أما في غوطة دمشق الغربية، وتحديداً في معضمية الشام، فأكّدت مواقع معارضة «اجتماع مقاتلي الفصائل المنتشرة في المعضمية، أمس، لتنظيم لوائح بأسماء من يريد المغادرة إلى إدلب، ومن اعتمد تسوية وضعه وتسليم سلاحه»، وذلك في إطار «التسوية» المرتقبة بين الحكومة والمجموعات المسلحة.
وفي ريف العاصمة الغربي، فجّر الجيش سلسلة أنفاق للمجموعات المسلحة، تمتد من بلدة مضايا باتجاه سهل الزبداني، في وقتٍ أشارت فيه «تنسيقيات» المسلحين إلى أن الفصائل المسلحة في القلمون الشرقي أعلنت النفير العام في بلدات وجبال القلمون، لصدّ هجمات مسلحي «داعش» على المنطقة، لليوم الثالث على التوالي.
إلى ذلك، أكّدت مواقع معارضة إعلان «مجموعة من المقاتلين من أبناء العشائر العربية والتركمانية، في محافظة الحسكة، تشكيل عسكري لقتال حزب العمال الكردستاني، بمسمى أجناد الشام». ووفق البيان، فإن هذا التشكيل «مكوّن من شباب المنطقة، ويتبع للجيش الحر، ويهدف إلى تحرير كامل المحافظة من ميليشيات حزب العمال الكردستاني ونظام الأسد».
(الأخبار)