على الرغم من الآمال الأممية بعقد جولة جديدة من المحادثات السورية خلال شهر تموز المقبل، تبقى الخلافات الأساسية التي أفشلت الجولة الماضية حاضرة بقوة لتعرقل أي تقدم في مسار الحل السياسي. آلية «الانتقال السياسي» ومصير موقع الرئاسة، إلى جانب مشاركة الأكراد، هي خلافات تعدّت الأطراف السورية المشاركة في جنيف، لتصبح مع تصنيف «المعتدلين»، محاور خلاف بين رئيسي مجموعة الدعم الدولية لسوريا، واشنطن وموسكو. المتغير الوحيد قد يأتي من بوابة المصالحة التركية ـ الروسية، التي قد تنعكس على التعنت التركي برفض مطلب موسكو الدائم بمشاركة الأكراد في المحادثات وعدم التزامها إغلاق الحدود أمام المسلحين والعتاد. وفي السياق، لفت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى أن بلاده «ستستأنف قريباً التعاون مع تركيا حول تسوية الأزمة في سوريا»، مشيراً إلى أن «هناك أموراً عديدة تتعلق بالموقف التركي، إذ تتضمن قرارات مجلس الأمن دعوة إلى الدول الإقليمية لتقديم مساعدتها وعدم السماح باستخدام أراضيها من الإرهابيين».ورأى لافروف أن الإصرار الأميركي على تمديد المهلة المعطاة لفصائل «المعارضة المعتدلة» للخروج من مناطق سيطرة التنظيمات الإرهابية، يظهر وكأنه «حماية للإرهابيين». وأوضح في مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي جان مارك ايرولت، أن عملية الفصل بين المعتدلين والإرهابيين «لا تشهد تقدماً»، مشيراً إلى أن هذا التأخير يتيح للإرهابيين التزود بالأسلحة والتمويل وتعزيز مواقعهم. وفي السياق، رأى السفير الروسي في الولايات المتحدة الأميركية، سيرغي كيسلياك، أن التقدم حول الملف السوري بين واشنطن وموسكو «في وضع حرج... ولكنه ليس في طريق مسدود». وأضاف أنه «لا يوجد لدى البلدين رأي موحد حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد، ولكن هذا لا يعني أن العمل على المسائل الأخرى يجب أن يتوقف»، موضحاً أنه «لم يُناقَش موعد اجتماع جديد لمجموعة دعم سوريا الدولية».
وطالب لافروف واشنطن بالضغط على الفصائل التي تدعمها، لإنجاز عملية الفصل، وتعميم وقف إطلاق النار على كامل الأراضي السورية «كي لا يتولد انطباع بأن أحداً يريد تعزيز مواقع الإرهابيين، وهو ما يعتبر انتهاكاً فاضحاً لقرار مجلس الأمن الدولي»، لافتاً إلى أن التنسيق المستمر بين واشنطن وموسكو يجري عبر مركزي حميميم وعمان والمركز المشترك في جنيف. وأشار لافروف إلى أن «المعارضة» التي تنسّق مع موسكو، اقترحت «أفكاراً بناءةً وملموسةً»، فيما قدّمت «الهيئة العليا للمفاوضات» «طروحات استفزازية»، داعياً المبعوث الأممي ستيفان دى ميستورا، إلى استئناف المحادثات في جنيف مع الأطراف التي تبدي استعدادها للمشاركة في الحوار، ومعرباً عن أمله في أن «يبعث الأميركيون بدورهم إشارات مماثلة... كي لا يصبح المبعوث الدولي رهينة لمزاج فصيل معين من المعارضة السورية». واستهجن اعتبار الأول من آب «موعداً مقدساً» لانطلاق عملية الانتقال السياسي، في ضوء عقد جولة واحدة من المحادثات طوال الأشهر الماضية.
وعلى صعيد آخر، أعرب المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، عن أمله في عقد جولة جديدة من المحادثات السورية خلال شهر تموز/ يوليو المقبل يجري الإعداد لها عبر اتصالات غير معلنة. وأوضح للصحافيين عقب اجتماع مغلق مع مجلس الأمن الدولي، أنه «لم يضع موعداً محدداً» لعقد تلك الجولة، لافتاً إلى ضرورة «الحصول على ضمانات لعملية الانتقال السياسي، أولاً». وأشار إلى أن عملية التسوية السياسية ما زالت تواجه صعوبات حول مشاركة الأكراد في المباحثات، مضيفاً أنه يعمل على تقريب وجهات النظر بين الأطراف، حول مسألة الانتقال السياسي. وأوضح دي ميستورا أن عملية إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة «ما زالت غير كافية»، مشدداً على أن التزام وقف الأعمال القتالية يصب في مصلحة جميع الأطراف. ولفت إلى أن إنجاح مسار الانتقال السياسي في سوريا، هو الحل الوحيد لتجفيف منابع الإرهاب، الذي تشكل محاربته «أولوية» في ظل الهجمات التي تشهدها مناطق متعددة من العالم، وآخرها في مطار اسطنبول.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)