القاهرة | بدأت العلاقات العسكرية المصرية ــ الأميركية تعود إلى سابق عهدها بعد الاتصال الذي أجراه الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بنظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، مساء أول من أمس، ليعلن فيه استئناف المساعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن للقاهرة.
وهي علاقات شهدت توتراً استمر نحو 20 شهراً بعد عزل الرئيس محمد مرسي في 3 تموز 2013.
موقف أوباما المفاجئ جاء بعد أيام قليلة من إعلان مصر مشاركتها في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وهو الأمر الذي ربطه مصدر سياسي رفيع، أيضاً، بزيارة رئيس الأركان المصري، محمود حجازي، لنيوريوك، التي اختتمها قبل ثلاثة أيام بعد مشاركته في «مؤتمر قوات حفظ السلام» ولقاء عدد من القيادات العسكرية الأميركية هناك.
وفي حديث لـ«الأخبار»، ربط المصدر بين تراجع التظاهرات والاحتجاجات في الشارع وهدوء الأوضاع نسبياً في سيناء وبين القرار الأميركي الذي أعلنه أوباما. ورأى المصدر أنّ مجمل تلك الاعتبارات «رأت فيها دوائر صنع القرار الأميركية نجاحاً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في تثبيت قدميه بالرئاسة».
وتحدث المصدر، القريب من دوائر صنع القرر في القاهرة، عن «وعد قدمه وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، برفع الحظر عن المساعدات العسكرية بشكل نهائي، وذلك خلال اللقاء الذي جمعه مع الرئيس السيسي في شرم الشيخ على هامش المؤتمر الاقتصادي» منتصف الشهر الماضي، مؤكداً أن «السيسي نقل له في المقابل عدم اكتراث مصر كثيراً بالمساعدات بسبب الأسلوب الذي تتعامل به الإدارة الأميركية»، وهي لغة وصفها المصدر بالأكثر حدة منذ وصول السيسي إلى الحكم.
وفي حديث إلى «الأخبار»، رأى وزير الخارجية المصري الأسبق، نبيل فهمي، أن العلاقات المصرية ــ الأميركية تمر بمرحلة «الاحتياج المتبادل لتحقيق السلام»، مشيراً إلى أن هناك مشواراً طويلاً لتعود العلاقات إلى ما كانت عليه من قبل، خاصة أن التحركات الأميركية مرتبطة بالمصالح في الشرق الأوسط، وتأتي متأثرة بالتحركات للوصول إلى اتفاق مع إيران والمشاركة المصرية في حرب اليمن ومواجهة تنظيم «داعش» في ليبيا.
وأضاف فهمي أن محادثة الرئيس الأميركي تعني أنه لم يصبح متردداً في تحديد طبيعة علاقته مع الرئاسة المصرية، خاصة أن الكونغرس لم يعد معترضاً على دعم عملية التحول الديموقراطي التي تمر بها مصر.
رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، اللواء أركان حرب عبد المنعم سعيد، قال لـ«الأخبار» إن «ما حدث من أوباما بمثابة تصحيح موقف تجاه المصريين»، مشيراً إلى أنها «ليست المرة الأولى التي تعترف فيها الولايات المتحدة ضمنياً بخطأ تقديرات مواقف حلفائها وتفسير التحركات السياسية الداخلية خلال السنوات الأخيرة».
وأكد سعيد أن «اعتماد العسكرية المصرية على إعادة تنويع مصادر السلاح أمر أفاد كثيراً القوات المسلحة خلال الشهور الماضية».
بدوره، الخبير العسكري، اللواء طارق فودة، قال لـ«الأخبار» إنّ «التحرك الأميركي وإن جاء متأخراً، فهو مقبول في ظل العلاقات المعقدة على المستوى السياسي وتفهم النفوذ الذي كانت تقوم به جماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة خلال الفترة الماضية من أجل الضغط على الرئيس السيسي»، مؤكداً أن «صفحة الإخوان طويت بعد قرار استئناف المساعدات العسكرية للأبد، ما يعكس بدء صفحة جديدة من العلاقات القائمة على الندية المتبادلة بين البلدين، خاصة أن المساعدات جزء من اتفاقية كامب ديفيد».
ورحب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بقرار الولايات المتحدة رفع تجميد تسليم مصر 12 طائرة حربية من طراز «اف ـ 16» وأسلحة ثقيلة أخرى بينها دبابات وصواريخ، مشيراً إلى أنها ستساعد في مواجهة «التطرف والإرهاب»، حسب ما أفاد بيان من الرئاسة المصرية ليل الثلاثاء الأربعاء.
ومساء أول من أمس، أبلغ الرئيس الأميركي، في اتصال هاتفي، نظيره المصري بأنه تم رفع قرار تجميد تسليم مصر 12 طائرة حربية من طراز «اف ــ 16» و20 صاروخاً من نوع «هاربون» وكذلك قطع غيار لدبابات «ابرامز ام1 ايه1». وقالت الإدارة الأميركية، في بيان، إن هذا القرار من شأنه الاستجابة للمصالح المشتركة للبلدين «في منطقة غير مستقرة».
وذكر بيان للرئاسة المصرية أن السيسي أكد في الاتصال الهاتفي مع أوباما أن «استمرار المساعدات العسكرية الأميركية لمصر، فضلاً عن استئناف صفقات الأسلحة المتعاقد عليها بالفعل إنما تصب في صالح تحقيق الأهداف الاستراتيجية المشتركة للبلدين». وأوضح السيسي أن هذا القرار سيساعد «في ما يتعلق بجهود مكافحة التطرف والإرهاب، وحفظ الأمن خاصة في سيناء».