شيئاً فشيئاً توضح الأحداث المتسارعة المشهد الجديد قيد التشكّل في اليمن. فرض انتقال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى عدن وتكريس المدينة الجنوبية عاصمة بديلة واقعاً جديداً في البلاد، تواكبه مسارات متصاعدة داخلياً وإقليمياً. دول مجلس التعاون الخليجي لم تتأخر في إعلان موقفها من خطوة هادي، الذي بعث برسالة الى البرلمان يعلن فيها سحب استقالته، وذلك بتأكيد دعمها المطلق له، ودعوة مجلس الأمن إلى «تحمّل مسؤوليته في اليمن» إزاء إجراءات الحوثيين «الباطلة».
يأتي هذا بالتزامن مع موافقة معظم القوى السياسية اليمنية على دعوة هادي نقل الحوار إلى عدن، بعد إعلان صنعاء «عاصمة محتلة»، ما يؤكد السعي إلى تقسيم البلاد، خصوصاً أن هادي تعاطى يوم أمس وكأنه «رئيسٌ للجنوب»، حيث اجتمع بمحافظين جنوبيين، وجدّد تمسّكه بالمبادرة الخليجية. وبرغم تنصّل الأمم المتحدة، على لسان مبعوثها في اليمن، جمال بن عمر، من العلم المسبق بمغادرة هادي منزله إلى عدن، نقلت وسائل إعلام يوم أمس عن مصادر في «أنصار الله» قولها إن «تحقيقات أولية تثبت تورط بن عمر في تهريب هادي من صنعاء».
هادي يسحب استقالته برسالة
إلى البرلمان

وبعد إعلان الدوحة تأييدها خطوات هادي، اعتبرت دول مجلس التعاون الخليجي، يوم أمس، أن وصوله إلى عدن سالماً «خطوة مهمة لتأكيد الشرعية»، مطالبةً «برفع الإقامة الإجبارية عن رئيس الوزراء خالد بحاح وغيره من السياسيين وإطلاق سراح المختطفين».
ودعت دول الخليج أبناء الشعب اليمني وكل القوى السياسية والاجتماعية إلى «الالتفاف حول الرئيس (المستقيل) ودعمه في ممارسة مهماته الدستورية كافة من أجل إخراج اليمن من الوضع الخطير الذي أوصله إليه الحوثيون»، مؤكدةً دعمها لدفع العملية السياسية السلمية وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني». وقال الأمين العام لمجلس التعاون، عبداللطيف بن راشد الزياني، في البيان نفسه، إن دول المجلس تطالب مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته تجاه أمن واستقرار اليمن بدعم الشرعية هناك، واعتبار كل الإجراءات والخطوات التي اتخذت من قبل الحوثيين باطلة لا شرعية لها.
وفي تعبيرٍ عن إصراره على استرجاع شرعيته كرئيس برغم استقالته قبل نحو شهر، عقد هادي، يوم أمس، اجتماعاً في عدن، ضم عدداً من المحافظين الجنوبيين والشماليين، وذلك لأول مرة منذ خروجه من صنعاء لمناقشة التطورات السياسية التي تمر بها البلاد، بحسب مصدر رئاسي حضر الاجتماع. وقال المصدر إن هادي رأس اجتماعاً ضم محافظي حضرموت، تعز، إب، مأرب، شبوة والمهرة. ولفت المصدر إلى أن هادي جدد خلال الاجتماع تمسكه بالمبادرة الخليجية ودعوته إلى نقل المفاوضات بين القوى السياسية إلى مدينة أخرى «آمنة».
وبحسب المصدر، «كشف الرئيس هادي أنه تلقى اتصالات من زعماء وملوك وأمراء عرب أكدوا فيها دعمهم لشرعيته كرئيس لليمن، مع وقوفهم إلى جانب البلاد للخروج من الأزمة الحالية»، لافتاً إلى أن «الرئيس هادي سيعقد في كل يوم من الأيام المقبلة اجتماعاً لمحافظي كل إقليم من الأقاليم الستة»، في إشارةٍ إلى تمسّك هادي بقرار تقسيم البلاد إلى 6 أقاليم، وفي تجاهلٍ لرفض الحوثيين هذا المشروع. وقد وافقت معظم القوى السياسية في اليمن، باستثناء «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام»، على دعوة هادي إلى نقل الحوار من صنعاء إلى مدينة عدن على الأرجح، من دون تحديد موعد انطلاق الحوار بعيداً عن صنعاء.
(الأخبار، الأناضول)