القاهرة | حتى الآن، قد يطمئن المواطن المصري إلى أن برلمان 2015 المقبل لن يكون من بين أعضائه «نواب الكيف»، أي متعاطو المخدرات الذين اشتهرت بهم برلمانات نظام حسني مبارك. ففي عام 2005 تقدم 60 نائباً بطلب للحج، وخلال إجراء الكشف الطبي تبين تعاطي 28 منهم للمخدرات. تلك الحادثة واحدة من أشهر الوقائع في تاريخ مجلس النواب المصري، لذا جاء قرار محكمة القضاء الإداري، قبل أيام، مستجيباً لدعوى أقامها برلماني سابق عن «الحزب الوطني». وأصدرت المحكمة حكماً يلزم اللجنة العليا للانتخابات بتوقيع الكشف الطبي، وكشف تعاطي المخدرات على المتقدمين للترشح لانتخابات مجلس النواب، التي لم يعلن (حتى الآن) موعد تلقي طلبات الترشح فيها.
ويقول مصدر قضائي في اللجنة العليا للانتخابات لـ«الأخبار» إن اللجنة ستلتزم تطبيق أحكام القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا خلال المدة التي تسبق إجراء الانتخابات، مشيراً إلى أن كل قرارات «القضاء الإداري» بشأن المرشحين «ستطبق ما دام الوقت متاحاً لاتخاذ هذه الخطوات». وأضاف المصدر أن الاجتماعات المستمرة «ستبحث آليات تنفيذ الحكم القضائي، وستبحث أيضاً شروط الترشح، ومن بينها الكشف الطبي»، متوقعاً أن يجري الكشف على المرشحين في الأماكن نفسها التي خصصت للكشف على المرشحين لانتخابات الرئاسة.
أيضاً، ألزمت المحكمة لجنة الانتخابات باشتراط حصول المترشح على شهادة طبية من «جهة رسمية معتمدة» تفيد بتمتعه باللياقة البدنية والذهنية والنفسية، وذلك بالقدر الذي يكفي لأداء واجبات العضوية. وكذلك يجب بيان السيرة الذاتية والخبرات العلمية والعملية للمترشح، وصحيفة الحالة الجنائية، وبيان موقفه الحزبي، إلى جانب إقرار الذمة المالية للمترشح وزوجته وأولاده، إضافة إلى الشهادة الدراسية الحاصل عليها وشهادة تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية، أو ما يفيد الإعفاء من أدائها، مع إيصال إيداع بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه، أي ما يعادل 420 دولاراً.
وقد تصبح هذه القرارات القضائية في حال تطبيقها، جزءاً أساسياً من شروط الترشح التي لم تعلن بعد. ورغم غياب نص دستوري يلزم المترشح للانتخابات إجراء كشف لتعاطي المخدرات، فإن المحكمة ذكرت في حكمها أن «المشرع اشترط لمجرد مباشرة الحقوق السياسية... أن يكون المواطن غير مصاب باضطراب نفسي أو عقلي، وهذا الشرط أولى وأوجب قانوناً بالنسبة إلى المترشح لانتخابات مجلس النواب».
الحكم لاقى ترحيباً من قوى سياسية والمترشحين الافتراضيين للانتخابات المقرر أن تبدأ في الحادي والعشرين من آذار المقبل. ويقول المرشح المحتمل في دائرة بندر بني سويف، سيد جمال، إن القرار سيمنع عدداً كبيراً من راغبي الشهرة، أو متعاطي المواد المخدرة، من تقديم أوراقهم إلى اللجان. وأكد جمال ضورة إجراء الفحوص الطبية أمام الجهات الرسمية، وألا تقتصر على شهادات خاصة من أطباء قد يوقعونها في مقابل الأموال.
ووفقاً لمقيم الدعوى، النائب السابق عمر هريدي، فإن الحكم الحالي «يقود مصر إلى ثورة تصحيح، ونحو برلمان خالٍ من المدمنين والمسكرين»، مضيفاً أنه حصل على نسخة من الحكم بمجرد صدوره، وسلمها للجنة الانتخابات.
وكانت المجالس الطبية المتخصصة قد استعدت في الثالث عشر من الشهر الجاري لمهمة توقيع الكشف البدني والذهني على طالبى الترشح، وإعداد تقرير طبي يتضمن ما إذا كان طالب الترشح يعاني إعاقة تمنعه من مباشرة حقوقة المدنية والسياسية؟
وحتى كتابة النص، لم تحدد اللجنة العليا للانتخابات موقفاً علنياً من الحكم، على غرار ما أفاد به المصدر القضائي حول نيتهم الالتزام. لكن رئيس اللجنة أكد احترامها أحكام القضاء، مع أن المتحدث الجديد باسم اللجنة، المستشار عمر مروان (جاء خلفاً للمستشار مدحت إدريس الذي أقيل لأسباب غير معلومة)، لم يصدر بياناً رسمياً بشأن الحكم، ولم يرد على استفسارات الصحافيين بشأن آلية تنفيذ الحكم وهل سيترتب عليه تأخر الإعلان عن موعد فتح باب الترشيح والدعاية وما سيتلوهما من مواعيد في العملية الانتخابية ككل؟