جيزان | يواصل الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» إحكام السيطرة على المواقع العسكرية السعودية المحررة خلال الأيام الماضية في محافظة جيزان، في وقت شنت فيه القوة الصاروخية اليمنية قصفاً عنيفاً على المعسكرات المركزية الواقعة بعد مدينة الخوبة والمدن المجاورة لها في المحافظة نفسها، تمهيداً للتقدم نحوها. وتصاعدت العمليات في نجران وجيزان، خلال الأيام الماضية، إلا ان جيزان نالت الحصة الكبرى من العمليات النوعية، بين السيطرة على مواقع في عمق المحافظة وإسقاط عدد من الطائرات الحربية.
وفشلت عشرات المحاولات للجيش السعودي لاستعادة السيطرة على ما فقده من مواقع عسكرية، متكبداً في كل محاولة خسائر فادحة في العتاد والأرواح. ويبدي الجيش السعودي تخوفاً كبيراً من الإقدام على أعمال عسكرية، وخصوصاً بعد معركة وادي جارة، حيث نجحت القوات اليمنية في تحويل الوادي إلى مصيدة لآليات الجيش السعودي التي تميزت بنظام تدريعي ضخم اعتقد الجندي السعودي أنه سيحميه ويقيه المنازلة مع الطرف الآخر، في وقت أظهر فيه الجانب اليمني مهارة كبيرة في صيد الآليات والدبابات بعدما استدرج العشرات منها إلى بطن الوادي المحرر.

ومن أهم نتائج معركة أو «محرقة» وادي جارة، أنها برهنت صحة نظرية عسكرية مفادها أن «معنويات المقاتل أهم من سلاحه». من جهة أخرى، قدم المقاتل اليمني الدليل القاطع، من حيث لا يشعر، على أن الشركات الأميركية المصنعة لهذه الآليات استغلت مخاوف أنظمة البترودولار الخليجية حين عقدت معها صفقات بيع أسلحة هي الأضخم في تاريخ الجيوش، لكن منتجاتها برغم أنظمة التدريع المتطورة، احترقت وتلاشت بسلاح «رجل القبيلة» قبل سلاح الجيش اليمني.
وقد نشر «الإعلام الحربي» عشرات المشاهد المصورة التي تكشف بوضوح أن نظام التدريع لم يكن سوى هالة تلاشت في محرقة وادي جارة في مشهد يشبه إلى حدّ كبير محرقة دبابات الميركافا في جنوب لبنان عام 2006.

نظام التدريع لم يكن
سوى هالة تلاشت في محرقة وادي جارة

وفي عملية اقتحام جديدة نفذتها قوات الجيش و«اللجان» اليمنية خلال اليومين الماضيين لموقع العمود الجبلي، وهو الموقع العسكري الأهم في المنطقة الحدودية الغربية، ظهر في تفاصيل المعركة التي عرضها «الإعلام الحربي»، حجم الفارق الكبير في السلاح كمّاً ونوعاً بين الجندي اليمني الزاحف ببندقيته، والجندي السعودي المتواري خلف ترسانته، حيث يتقدم المقاتل اليمني إلى النقطة التي يُبطِل فيها فعالية السلاح الثقيل والتي يُفترض عندها أن تبدأ المنازلة، لكنها لا تقع والسبب مثلما هو حال المعارك الحدودية، فرار الجنود السعوديين تاركين خلفهم آلياتهم وعتادهم ولاجئين إلى الخطوط الخلفية وربما إلى خارج نطاق الخدمة العسكرية. حينها توكل المهمة إلى سلاح الطيران الذي يبدأ غاراته، لا بهدف التمهيد لعملية إستعادة الموقع، وإنما بغرض إتلاف الآليات خشية استفادة اليمنيين منها، وهو السيناريو الذي يتكرر في معظم جبهات القتال الداخلية بعد هروب الجماعات التكفيرية من مواقعها.
أما الجديد في المعركة الدائرة داخل الأراضي السعودية بين القوات اليمنية والقوات السعودية، فهو أنه بات من الواضح أن رهان النظام السعودي على سلاح الأباتشي الجوي انتهى كلياً بعد تمكن الجيش اليمني و«اللجان» من إسقاط خمسة منها، حتى لوحظ تحييدها تماماً في الأيام الأخيرة.
ويحاول الجانب السعودي الاستعاضة عن دور الأباتشي بتكثيف دور الطيران الحربي الذي يواكبه طيران الاستطلاع على مدار الساعة. وكانت وزارة الدفاع اليمنية قد أعلنت، يوم أمس، أن الفرق الفنية في الجيش و«اللجان» تمكنت من إنزال طائرة استطلاع سعودية في محافظة جيزان.