بعد منتصف الليل، أعلن دونالد ترامب استبدال مستشاره للأمن القومي اتش ار ماكماستر، بالسفير الأميركي الأسبق لدى الأمم المتحدة جون بولتون. وبعد سلسلة من الإقالات والاستقالات في فريقه خلال الأشهر الماضية، قال ترامب: «أنا سعيد بأن أُعلن أنّه ابتداء من التاسع من نيسان 2018 سيكون جون بولتون مستشاري الجديد للأمن القومي». ومعروف أنّ بولتون الذي يدعو علناً إلى مواجهة إيران عسكرياً، ويصل حديثه إلى حدّ إثارة موضوع «ضرورة إسقاط النظام في إيران»، كان يتردد دوماً إلى البيت الأبيض منذ وصول ترامب إليه. وهذا ما دفع بعض المعلّقين الى القول سريعاً إنّ هذا التعيين يُطلق «العدّ التنازلي للحرب مع إيران».ويُعرف جون بولتون كثيراً في بيروت والعالم العربي، إذ منذ عام 2005، كان عرّاباً لخيارات فريق «14 آذار» الأكثر تشدداً، تجاه دمشق وحزب الله، علماً بأنّ هذا الفريق كان قد كرّم بولتون في أيار 2006، خلال زيارة وفد منه لواشنطن. وفي الأعوام القليلة الماضية، كان بولتون يدعو إلى تقسيم العراق وسوريا «في مرحلة ما بعد داعش»، وإنشاء «كيانات إثنية» تحت شعار رفض «العودة إلى الحدود التي رسمها الأوروبيون منذ قرن تقريباً».
بولتون، المسكون بفكرة الحرب ضد إيران، ليس «صقراً» عادياً


ويحلّ بولتون مكان ماكماستر الذي سبق لـ«الأخبار» أنّ أشارت في تقرير لها في 24 شباط الماضي، إلى أنّ احتمالات إعفائه تتزايد، وأنّ بولتون من بين المرشحين لاستبداله. وإذا كان ماكماستر، وهو العسكري الذي سبق أن شارك إلى جانب وزير الدفاع الحالي جايمس ماتيس، في غزو العراق، من وجوه «المحافظين الجدد»، فإنّ بولتون هو بدوره السياسي، كان أحد أبرز وجوه هذا الفريق ضمن إدارة جورج بوش الابن. هذا الرجل الذي كان أحد مؤيدي غزو العراق، يرى أنّ «أكبر خطأ» ارتُكِب، هو حين «انسحب» الأميركيون من العراق عام 2011. هو يرى في العراق «قاعدة خلفية» لمواجهة إيران، وهو كان إلى جانب رئيس الموساد الأسبق مئير دغان، في إطلاق سياسات «محاصرة» طهران منذ تعيين الأخير في 2002.
في مقالة نُشرت قبل أيام في «ذي أميركان كونسرفتيف»، يقول كاتبها إنّ «بولتون ليس صقراً عادياً ضمن المحافظين الجدد، هو كان مسكوناً لسنوات عدة (بضرورة) الذهاب إلى حرب ضدّ إيران، مكرراً تصريحاته الداعية إلى ضربها خلال إطلالاته الإعلامية (الأخيرة)، من دون وجود أدنى مؤشر على أنّه يدرك تداعيات هكذا سياسة». تضيف المقالة أنّه «أكثر من أي شخص آخر، داخل إدارة ترامب أو خارجها، أثّر بولتون على قرار ترامب لتمزيق الاتفاق النووي مع إيران»، مشيرة في الوقت نفسه إلى علاقات بولتون بمموّل «كل من» ترامب وبنيامين نتنياهو، الصهيوني شلدون أدلسون.
في القضية الفلسطينية، هو ليس فقط مؤيداً عادياً لإسرائيل، وإنّما هو متصهين ومن مؤيدي أقصى اليمين الإسرائيلي، وهو كان يدعو حتى إلى «حلٍّ يقوم على ثلاث دول... يتم وفقه إرجاع غزة إلى السيطرة المصرية، وإرجاع الضفة الغربية إلى السيادة الأردنية».
بولتون الذي ينظر إلى روسيا أيضاً على أنّها «خصم»، جاء الإعلان عن تعيينه في اليوم نفسه الذي ألقى فيه ريكس تيلرسون، خطاب «وداع» في مقرّ وزارة الخارجية، التي سيخلفه على رأسها مارك بومبيو.