نعت حكومة حماس أحد ضبّاط شرطتها، فهد نزار الهباش الذي «خرج مهاجرا من غزة للدفاع عن كرامة الأمة العربية والإسلامية». وفي ملصق وزعته «قوات التدخل وحفظ النظام» الحمساوية، في القطاع، أشادت بـ «المجاهد» الذي «نال شرف الشهادة فوق أرض الشام الزكية بتاريخ 24/7/2013م».
أكرّر: بتاريخ 24 تموز الحالي، أي بعد، وربما أثناء، الحوارات بين إيران وحزب الله من جهة، وحركة حماس من جهة أخرى. لم يهاجر الهباش إلى ميدان القتال في سوريا على رأسه، بل في سياق المدد الحمساوي للتكفيريين الإرهابيين في البلد الذي احتضن الحمساويين، حين عزّ الحليف والصديق. وقضى الهباش في حمص تحديداً؛ فهل كان أردى برصاصاته الحاقدة، جندياً في الجيش العربي السوري أم مزّقت متفجراته، مقاوماً من حزب الله؟ سؤال برسم أولئك الذين ما يزالون متعلقين بأهداب «الصحوة الإسلامية»، ومغرمين بتغييب النقاش الضروري حول المضمون الاجتماعي السياسي الاستراتيجي لخط المقاومة، أملاً في أن يتلاقى الإسلاميون في إفطار المودة، ويهتفون معا: «لا غربية ولا شرقية»!
«لا غربية ولا شرقية»! كيف؟ هل تتساوى الولايات المتحدة التي تنص استراتيجيتها الشرق أوسطية على القضاء المبرم على حزب الله، مع الاتحاد الروسي الذي يرى في الحزب لاعباً إقليمياً رئيسياً يحظى بالشرعية الدولية؟ هل يتساوى الاتحاد الأوروبي الذي وسم حزب الله بالإرهاب، مع الصين التي ترنو إلى تحالف وطيد معه؟
لم يعد خط المقاومة، بعد الحرب السورية ـــ المشرقية، مجرد سلاح واشتباك ممكن مع العدو الإسرائيلي، ولم تعد شعاراً ولا أيديولوجيا، بل استراتيجيا تتجسد في محور دولي ينشأ بالفعل، ويضم الصين وروسيا (ودول البريكس) وإيران والعراق ـــ كما هو مأمول ـــ وسوريا ولبنان المقاومة. والاحتمالات الواقعية مفتوحة: قد تتجه التطورات نحو انضمام مصر، على هذا النحو أو ذاك، إلى هذا المحور. وهو السياق الوحيد القادر على كبح العدوان الامبريالي المستمر على بلادنا، وتهيئة شروط الاستقلال والتنمية، وفتح المجال أمام المقاومة لتحقيق انجاز تاريخي في محاصرة الكيان الصهيوني وتفكيكه. وبالمقابل، فلا شيء، خارج هذا السياق، أبعد من البطولة والصمود وتحقيق الانتصارات الجزئية.
القوى المحسوبة على خط المقاومة، بالتعريف الاستراتيجي، هي القوى التي تسير في بنى ونهج هذا المحور في اتجاه تعميق الصراع مع حماة الصهيونية، الغرب الامبريالي الرأسمالي واتباعه الرجعيين ـــ وخصوصاً في الخليج. وبالمقابل، فإن القوى التي تقاتل ضد هذا المحور، بالسلاح أو التحشيد أو الدعاية، هي قوى معادية لخط المقاومة، وليس فقط خارجه. والحد الفاصل بين الخطين والنهجين، هنا، هو سوريا؛ فمن يقاتل الجيش العربي السوري، ليس مقاوماً وليس وطنياً، وإنما، ببساطة، مجرّد أداة للإمبرياليين والرجعيين، ويعمل، بالتالي، لتصفية قضية فلسطين، حتى ولو هتف، ليل نهار، باسمها.
في الاستراتيجيا، لم تعد مقاومة حزب الله، فقط، في موقع الدفاع عن أرض لبنان وسيادته وحريته، ضد العدوان الإسرائيلي؛ فقد تحولت تلك المقاومة، الآن، إلى ضامن لاستثمار وطني للثروات والتنمية، لبنانياً، ومحرك أساسي في وحدة المشرق، وتعميم المجابهة مع العدوّ، عربياً، وقوة إقليمية عربية في التوازنات الجديدة الناشئة، دولياً. وتحتم هذه الآفاق الكبرى على الحزب أن يكوّن رؤية جديدة تنأى به عن الدروب الضيّقة للتحالفات القديمة القائمة على أساس أيديولوجي أو على أساس مقتضيات الاشتباك المرحلي المحدود مع العدوّ. بالعكس؛ فالكسب التكتيكي في استعادة تلك التحالفات، سيعود على الحزب، بخسارات استراتيجية في ميادين وصراعات كبرى؛ أولا، في مصر التي تحوّل فيها الإخوان المسلمون إلى العزلة والعنف والإرهاب، في مسار يهبط بهم إلى مستوى تحالف الإسلاميين السوريين، تكفيراً للمجتمع وعداوة للجيش الوطني. وفي مواجهة هذا المسار، تتصلّب الحركة الوطنية المصرية، وترسم أولوياتها في حرب البقاء والسلم الأهلي والتغيير. أفلا ترون أن «حماس» تورطت في هذه الحرب، إلى الحد الذي يطرح السؤال: هل هناك أي مكسب في العلاقة مع الحمساويين يبرّر الخسارة في العلاقة مع مصر وجيشها وقواها الوطنية؟
وفي الأردن، حيث تحوّل الإخوان الحمساويون إلى القوة الرئيسية في المشروع الأميركي القديم ـــ الجديد، للكونفدرالية والوطن البديل، أين هي مصلحة خط المقاومة في خسارة الحركة الوطنية الصاعدة لصالح التفاهم مع حماس؟ كذلك، أين هي المصلحة الاستراتيجية لحزب الله في استعادة موقع التخندق في الصراع الفلسطيني ـــ الفلسطيني؟ أو في إسباغ الغموض على نضال المقاومين المجيد في سوريا؟ أو في استبعاد ذلك الطيف الواسع من اليساريين والقوميين التقدميين العرب المتجهين صوبه؟
10 تعليق
التعليقات
-
كي لا نفقد البوصلةإن اتفق حزب الله و حماس مجددا او اتفقت ايران و حماس بالخروج بتفاهم بان الاسرائيلي هو العدو وان لا يتحول خلافهم الى اقتتال داخلي فقد وأدوا فتنة الحرب الطائفية من جهة وأفشلوا مخطط تفتيت قوى الممانعة و المقاومة من جهة اخرى بعباره اخرى إفشال المؤامرة =النصر مجددا
-
مقالة رائعة كالعادة أستاذمقالة رائعة كالعادة أستاذ ناهض.. ولكن أود أن أورد ملاحظتين: ١-ثورة "٣٠ يونيو"=الجيش المصري (حركة تمرد بكل تلاوينها العلمانية والمدنية والقومية ربما! + فلول نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك...)،وهذه معادلة لا تؤدي بالضرورة إلى كون النظام الآتي يمثل الدور القومي المؤمل من مصر أن تؤديه على مستوى الصراع ضد المشروع الصهيوني الإمبريالي في المنطقة أو الإقليم، ولا حتى على مستوى السياسات الداخلية المؤمل تطبيقها في المجالات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية لناحية تحسين مستوى معيشة الإنسان المصري وتحريره اجتماعيا" وبالتالي تحرره لناحية حريته الشخصية من جهة وحقوقه السياسية من جهة أخرى.. ٢-تبلور ما يسمى "الوطنية الأردنية"(المرتكزة بشكل أساسي على أسس قبلية وعشائرية)،كرد فعل على ما أسميته المشروع الأميركي القديم الجديد(الكونفدرالية أو الوطن البديل)،ليس خافيا" أن هذه "الوطنية"إنما جاءت لتصب في صالح النظام الملكي(عاقد اتفاقية الصلح مع اسرائيل بالإضافة إلى أدواره المشبوهة،القديمة الجديدة،كجزء لا يتجزأ من المشروع الصهيو-امريكي).. إزاء هذا الواقع،أين يذهب حزب الله؟
-
حكمة السيددعونا ننتظر الأيام ونرى ، لطالما اعترف الجميع بحكمة السيد حسن ، لربما كان ذلك خيرا ، فلا تستعجلوا أمر الله
-
حماس القتلةشكرا أستا ناهض لكن هذه رسالة لحزب الله أن جلستم مع الحمساوية فى القاعات المكيفة امام زجاجات المياه الغازية والطعام الفاخر لتتحدثون عن المقاومة متناسين دماء العساكر السوريين المساكين وشباب الحزب الذين استشهدوا فى سوريا بسبب غدرحماس وكذلك العساكر المصريين التى تصمم قناة المنار على اطلاق صفة قتيل عليهم خلافا لكل الاعراف الدينية التى يؤمن بها حزب الله ستكونون مثل كل القوى الامبريالية المتاجرة بالسلاح بعد أن توقد الحروب يجلس قادتهم على المخمل فى أروقة الاممم المحدة لتتاجرة بدماء الابرياء الذين يتساقطون وليست حرب تموز ببعيدة فلا تتماهو مع جلاديكم
-
سقط سهوايبدو أن الأستاذ الكبير بحق ناهض حتر سقط منه سهوا دور المقاومة الأسلامية في لبنان خصوصا,ولكل محور المقاومة عموما في الحرب العالمية على الأرهاب الدولي المتمثل بالحركات التكفيرية والجهادية المدعومة من بعض عرب الاعتدال .كل محور المقاومة كان يعتبر حماس حركة مقاومة ضد الاحتلال الأسرائلي وكل محور الأعتدال مع اسرائيل كانوا يتهمون ويوصفون حماس بالحركة الأرهابية واذا شلبنوها يقولون متطرفة . ولكن كانوا يتقبلونها ويتعاملون معها كمخزون احتياطي لحربهم على سوريا كما يثبت اليوم.ولم نعد نصدق أن اغلاق كل الآبواب العربية بوجه استضافة حماس صدفة ,أو بدون تخطيط لتجميع عناصرها وقياداتها في سوريا....الأزمة السورية نزعت الأقنغة وكشفت من مع الأرهاب الدولي التكفيري والجهادي ومن مع السلام والأمن الدوليين .وهذه الحقيقة معلومة ومكشوفة بكل تفاصيلها لأسرة المجتمع الدولي ولكن البازار ولعبة الأمم تقتضي ذر الرماد في العيون لربما تتكشف مصادر تمويل ودعم ومخابئ لهذا الأرهاب لم تنكشف بعد وأن وضع حزب الله الذي يقال أن عناصره تقاتل جبهة النصرة و القاعدة في العراق وسوريا ولاحقا في لبنان الا لزيادة الضعف للرؤيا عند من لانظر لهم أنت رائع استاذ ناهض في كل كتاباتك وأنا اتابعها باستمرار.....
-
أو في استبعاد ذلك الطيفأو في استبعاد ذلك الطيف الواسع من اليساريين والقوميين التقدميين العرب المتجهين صوبه؟ أو في استبعاد ذلك الطيف الواسع من اليساريين والقوميين التقدميين العرب المتجهين صوبه؟ المتجهين صوبه المتجهين صوبه المتجهين صوبه يا أخي انتسبووو لوووووووووو... أو شروط الانتساب متعذرة؟؟؟؟
-
لا حل إلا بالعلمانية!!!رائع، كعادتك، يا أستاذ ناهض!
-
التبرير القائل أن حزب اللهالتبرير القائل أن حزب الله يريد إحتواء حركة الغدر حماس من أجل إبعاد الفتنة السنية-الشيعية عن لبنان و مخيماته, هو تبرير مرفوض و لا معنى له. إذ أن أصل وجود حماس التنظيمي و الفكري لا يؤدي إلا الى الفتنة والضرر للأمة و لنهج المقاومة و محورها و شعبها. من كان مبدأه الإخوان المسلمون و إنتهازيتهم فلا أمان من غدره. نظرة سريعة إلى مواقع حماس و نقاشات منظريها -حتى منذ ما قبل الحرب على سوريا بسنين- تُظهر مدى طائفية حماس و إنتهازيتها و رجعيتها. و دعم حماس هو انتحار على المدى البعيد, فيما لا زال في فلسطين العديد من القوى الثابتة على نهج المقاومة و المنضوية حكما في محور المقاومة - و هي الأولى بالدعم و الوثوق.