عشية إحالته إلى التقاعد في الرابع من نيسان المقبل، أعلن المدير العام للأحوال الشخصية الياس الخوري «انتشال بطاقة الهوية من التقاعد وإحالتها إلى الخدمة الفعلية»، وفق ما قال في مؤتمر صحافي أمس لشرح آلية اعتماد الهوية بدلاً من إخراج القيد في الإدارات والمؤسسات الرسمية. غير أن بطاقة الهوية ستبقى قاصرة وحدها عن التعريف بالمستخدم، لأنّ أسباب استبعادها كلّ الفترة الماضية لم تُعالج، وستحلّ «بدعة» جديدة محلّ «بدعة» إخراج القيد، اسمها «المستند التعريفي»، بفارق سهولة إصدار الثاني وتوفير كلفة إصدار الأول. ويعود تاريخ استخدام إخراجات القيد في المعاملات الإدارية إلى الحرب الأهلية نظراً إلى صعوبة وصول اللبنانيين المهجّرين إلى مراكز قيدهم آنذاك. واستمر استخدامها بعد الحرب لسببين: «الأول خلوّ الهوية من تاريخ انتهاء الصلاحيّة، ما يجعلها غير محدثة بالتعديلات التي قد تطرأ مع الوقت على شكل حاملها وصورته، والثاني أنها لا تحتوي على مذهب حاملها وما يرافق ذلك من مشاكل في بلد غير علماني». لذلك، «ظلّت بطاقة الهوية خارج الخدمة منذ عام 1996 حتى 2009، عندما فُعّل استخدامها للمرة الأولى في الانتخابات النيابية والبلدية». وعام 2011 أصدر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تعميماً باعتماد بطاقة الهويّة في كلّ المعاملات في الإدارات والمؤسّسات العامّة والبلديات، من دون معالجة الثغرات في تطبيق هذا الإجراء الذي ظل حبراً على ورق ولم يطبّق.
اليوم يحيي الخوري التعميم بعد «ترقيع» الثغرات في الهوية. وتحت شعار «استحصل على إخراج قيد جديد لمرة واحدة واستخدم بطاقة الهوية في كل مرة»، تم التوصّل إلى «مستند تعريفي» يحمل البيانات المعدّلة إلكترونياً، ويُرفق ببطاقة الهويّة في المؤسّسات الرسمية، ويغني عن إصدار إخراج قيد عند كل معاملة إدارية.
وشرح الخوري وفريق العمل في المديرية آلية الاستحصال على «المستند التعريفي»، الـ«سهلة جداً، وتبدأ من تتبّع رمز الاستجابة السريعة QR code على إخراج القيد الإلكتروني الصادر بعد 11 أيلول الماضي، والذي يحيل إلى الموقع الإلكتروني الخاص بالمديرية، للتأكد من صلاحية إخراج القيد أولاً، واستصدار المستند ثانياً بعد إدخال رقم بطاقة الهوية وتاريخ إصدارها». ويشير الخوري إلى أنّ «أي تغير غير محدّث على إخراج القيد يُفشل إصدار المستند، كما أنّ الـ 56 ألف بطاقة هوية التي لا تحمل صورة صاحبها لا يمكنها الاستفادة من هذه العملية».
بحسب الخوري، «على المؤسسات العامة اعتماد الهوية وإلا فهي تخالف القانون»، ورغم إقراره بأهمية مشروعه للتخفيف من عناء إصدار إخراجات القيد عند كل معاملة وتحمّل كلفتها، يراه «إجراء خاصاً» اتخذه بعدما سقط مشروع إطلاق بطاقات هوية إلكترونية محدثة عام 2019 بسبب الانهيار الاقتصادي وانتشار جائحة كورونا. إذ «كان الهدف من خطة العمل عام 2017 إطلاق مناقصة دولية لتحديث بطاقات الهوية بكلفة تقدر بـ 25 مليون دولار». وبعد الإفلاس، «انتقلت المديرية إلى الخطة «ب» المذكورة بكلفة صفر دولار على خزينة الدولة، مدعومة مباشرةً من منظمات دولية، أهمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR». ولم يكن شرح آلية اعتماد الهوية بدلاً من إخراج القيد يتطلب أكثر من تسجيل مقطع فيديو ونشره على موقع المديرية العامة للأحوال الشخصية، يحاكي فيديو إطلاق برنامج بيانات القيد الإلكترونية الجديدة الذي قدمه الخوري بنفسه، لولا أنّ الخوري فضّل نهاية «صاخبة» أو ربما بداية عهد جديد لمدير عام «لا يأتي مثله على الوزارة»، كما قالت إحدى الموظفات في ختام المؤتمر.