ودفع هذان الموقفان وزير الاتصالات من «الليكود»، شلومو كرعي، إلى اتهام غالانت وغانتس بالتآمر لإسقاط الحكومة، والدعوة، في بيان عقب إلغاء الجلسة، «الحريديين» إلى عدم الاستجابة لما اعتبره محاولة الرجلين «افتعال مشكلة لإسقاط الحكومة»، واتهام الجيش الإسرائيلي بـ«الكسل والإهمال». ولم يكتفِ كرعي بذلك؛ بل وصف غالانت بأنه «نائب لغانتس»، واعتبر أنهما «منشغلان بإسقاط الحكومة أكثر مما هما منشغلان بالمجهود الحربي». ورأى أن الرباعي المتمثل في «العليا» والمستشارة القضائية وغانتس وغالانت، «متّحدون معاً من أجل إسقاط الحكومة، بدعم من وسائل الإعلام»، محذراً الحريديين من «الوقوع في شرك الأكاذيب الذي ينصبه غانتس ونائبه غالانت».
طالب رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، المحكمة العليا برفض «قرار عدم التجنيد»
وبحسب المسودة التي كان نتنياهو ينوي طرحها على الحكومة من دون أن تحظى بتوافق جميع الأحزاب، خلافاً لما طالب به وزير الأمن، فإن الغاية من المبادئ العامة المقدّمة إلى المستشارة القضائية، شراء الوقت عبر ترحيل مسألة سَنّ «قانون التجنيد» برمتها إلى شهر حزيران المقبل، علماً أن المسودة نصت على رفع سِنّ إعفاء «الحريديين» من 26 عاماً إلى 35 عاماً، من دون أن تحدّد عدد المنويّ تجنيدهم منهم، ومع التشديد على أن إنفاذ القانون لن يبدأ قبل ثلاث سنوات. وأثارت هذه الخطوة عاصفة من الانتقادات في صفوف المعارضة الإسرائيلية، وحتى من جانب أحزاب داخل الائتلاف، وأعادت تحريك التظاهرات التي كان آخرها أمس، مقابل مدرسة «سلابودكا» الدينية في مدينة بني براك، حيث دعا جنود إسرائيليون إلى «تجنيد الجميع»، وذلك في معقل «الحريديين» الذين يقودهم حاخام الفصيل الأورشليمي، تسيفي فريدمان، الذي يحرّك في المقابل التظاهرات ضد التجنيد.
من جهته، طالب رئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، المحكمة العليا برفض «قرار عدم التجنيد»، داعياً رئيسَي الأركان السابقين، غانتس وغادي آيزنكوت، إلى الانسحاب من حكومة الطوارئ التي انضما إليها في بداية الحرب. كما كان قد أعلن غالانت، قبيل مغادرته إلى واشنطن، معارضته اقتراح نتنياهو، مؤكداً أنه لن يحظى بتأييده. كما كشفت هيئة البث العام الإسرائيلية («كان 11») أن غالانت أعطى تعليمات إلى موظفي وزارته بعدم التعاون مع مكتب نتنياهو في ما يتعلق بقانون التجنيد. ونقلت عن مسؤولين في الحكومة قولهم إن «عدم تعاون المستوى المهني في وزارة الأمن يجعل من الصعب جداً صياغة مسودة قرار. إن الأمر أشبه بتقديم الميزانية من دون تعاون وزارة المالية». وفي المقابل، لم تنل المسودة إعجاب «الحريديين» الذين هددوا بدورهم بعدم حضور جسلة الحكومة، فيما تابع نتنياهو عقد جلسات منفردة مع قادة الأحزاب للتوصل إلى تفاهمات، وسط تهديد وزير الاقتصاد، نير بركات، هو الآخر، بأن «قانون التجنيد كما يقترحه رئيس الحكومة ليس في الإمكان تمريره لما يشكله من ضرر عظيم».
وتعليقاً على ذلك، أشار موقع «واينت» التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، إلى أن أوساط نتنياهو تتخوّف من أن المقترح الذي قدّمه الأخير، والذي على ما يبدو لن يحظى بتوافق الجميع على أي حال، سيؤدي إلى استقالة غانتس من الحكومة، وبالتالي تحريك الاحتجاجات الكبرى في الشوارع على نحو مشابه لما كان عليه الوضع قبل السابع من أكتوبر. والجدير ذكره، هنا، أن مئات من أمهات الجنود الإسرائيليين انضممن إلى الصف المعارض، حيث بعثن برسالة إلى الوزراء دعونهم فيها إلى عدم الموافقة على القانون. وقالت الأمهات في الرسالة: «احفظوا في رؤوسكم وضمائركم جميع المقاتلين، وآلاف الجرحى، والأمهات والآباء القلقين، الذين لا ليل لهم ولا نهار، تصرفوا بمسؤولية تجاه شعب إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي ومستقبله».