بموسيقى شامية عريقة، ولقطات خارجية لقلعة دمشق وسوق الحميدية في العاصمة السورية، بدأت قناة «الجزيرة» تقريرها الصباحي بعنوان: «المثلجات الدمشقية.. تقاوم بالظروف الصعبة».
الانتقال التدريجي من القلعة إلى السوق ومن ثم إلى داخل محل «بكداش» للبوظة، يوحي للمشاهد فعلاً بأنّ القناة القطرية دخلت إلى عاصمة الأمويين بعد سنوات من طردها. ينتهي مفعول الدهشة وتبدأ التساؤلات بعدما يكتشف المشاهدون من لهجة العاملين في المحل، أن التصوير كان في فرع «بكداش» عمّان، والذي افتتح قبل نحو أربع سنوات، في محاولة منه للتكيّف مع الأزمة السورية.
لا شيء في تقرير «الجزيرة» يوحي بأنّه صوِّر في العاصمة الأردنية. لا يوجد أي معلومة تدل على ذلك في التعليق المصاحب، أما العنوان المكتوب في أسفل الشاشة فبدا مضللاً: «صناعة البوظة من الصناعات الدمشقية العريقة في مدينة دمشق». حتى أن بعض السوريين انطلت عليهم المسألة، وظنّوا أن القناة القطرية عادت إلى عاصمة الأمويين.
وتلقت القناة سيلاً من الانتقادات والتعليقات والشتائم على الفيديو الذي نشرته على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، بين مستغرب صدّق نبأ عودة «الجزيرة» إلى الشام، ومتسائل عن جرأة الأشخاص الذين ظهروا في تقرير القناة التي تعتبرها الحكومة السورية وشريحة كبيرة من الشعب السوري مشاركاً رئيساً، وذراعاً إعلامية في سفك الدم السوري.
في حين سخر معلّقون من التخبّط في محتوى القناة التي تمر بالأزمة الأعنف منذ إنشائها على خلفية الأزمة القطرية مع دول الخليج والتي تطالب بإغلاقها، قبل أن ينتقد آخرون الأخطاء المهنية التي وقعت فيها القناة متسائلين عن سبب بث هذا التقرير الخفيف في هذا التوقيت تحديداً.
فهل وقعت «الجزيرة» التي تحتفل بعامها الحادي والعشرين بهذا الخطأ المهني القاتل الذي يدل على جهل فاقع في ألف باء العمل الإعلامي؟ أم أن قناة «الرأي والرأي الآخر» تحاول الالتفاف باتجاه دمشق، وأرادت مغازلة «النظام» بهذا التقرير الخفيف عن المثلجات، لتبريد الأجواء والإيحاء بأنّها عادت إلى العاصمة السورية، تمهيداً للعودة النهائية إلى «حضن الوطن»؟ وهل تكون الصلحة بـ «كاسة بوظة»؟