خلال تنفيذها مشروع تأهيل البنى التحتية في شارع الميناء في طرابلس، أقدمت شركة «باتكو»، المملوكة من آل أزعور، على قطع واقتلاع مئات الأشجار الموجودة في وسطية الشارع. وعوضاً من أن تقوم الشركة بإعادة الأشجار المعمّرة الى مكانها، لجأت الى الاستعاضة عنها بأغراس صغيرة، ما بدّل مشهد الشارع الذي يكاد يكون الوحيد الذي يحوي على مجالات خضراء في المدينة التي تغص بالشوارع «الصحراوية».
تأهيل الوسطيات في الشارع المذكور يندرج ضمن بنود مشروع تأهيل البنى التحتية الذي تبلغ تكلفته 40 مليون دولار ممول من صندوق التنمية الكويتي. يقول رئيس لجنة البيئة والحدائق في بلدية طرابلس جلال حلواني إن الشركة «صرفت خلال عملها الاعتماد المالي الذي كان مخصصاً لتأهيل الوسطية، الذي يبلغ 6 ملايين دولار، على البنى التحتية»، مشيراً إلى الكثير من الملابسات والتساؤلات حول قيام شركة «باتكو» بما سماه البعض «مجزرة بيئية» في حق أشجار ووسطية شارع المينا. يضيف حلواني: «أثناء قيام الشركة بعملها، تبين أن الرمل الموجود في الوسطية بات غير مناسب، بعدما فقد على مرّ السنين الكثير من عناصره البيولوجية، وأن الأمر يتطلب تغييره قبل إعادة الأشجار المقتلعة إليه، أو زرع أشجار جديدة بدلاً منها»، مشيراً الى أنه «لم يكن يوجد فيها شبكة مياه لري الأشجار والشتول فيها، وأن سقايتها كانت تتم بواسطة الصهاريج التي كانت مياهها تتدفق إلى الشارع بشكل غير لائق».

«المشروع خرّب الشارع
أكثر مما أعاد تأهيله، بعد اقتلاع قرابة ألف شجرة منه»

يلفت حلواني إلى أن «النقص في الأموال هو الذي أدى إلى تأخير تأهيل الوسطية، قبل أن يوافق مجلس الإنماء والإعمار، قبل 6 أشهر، على تأمين اعتماد إضافي لهذه الغاية، ثم إعطاء أمر المباشرة قبل نحو شهرين، وأنه في غضون ثلاثة أشهر ستنتهي عملية التأهيل».
وأشار حلواني إلى أن «عملية تأهيل الوسطية ستشمل تغيير رملها ومد شبكة مياه لري الأشجار والشتول، ومن ثم زرع أشجار وشتول جديدة فيها»، نافياً كل ما أشيع عن أن البلدية تغطي بهذا العمل اقتراح تضييق الوسطية بهدف توسيع الشارع، نظراً إلى ازدحام السير الكبير فيه.
يوضح منسق «مبادرة طرابلس مدينتي» سامر دبليز أن «المشروع خرّب الشارع أكثر مما أعاد تأهيله، بعد اقتلاع قرابة ألف شجرة منه، من غير أن ينقلوها إلى مكان آخر أو يعاد زرعها في الشارع لاحقاً»، معتبراً أن المشروع «نفذ بشكل سيىء، وأن أي مزارع بسيط كان بإمكانه القيام بعمل أفضل»، ومؤكداً أن «طرابلس تحتاج إلى مساحات خضراء أكثر، وليس إلى اقتلاع الأشجار أو تضييق الوسطيات فيها لتحويل الشوارع إلى مواقف سيارات».
وأشار دبليز إلى اتصالات عديدة أجرتها لجنة متابعة شكلت لهذا الغرض، مع البلدية ومجلس الإنماء والإعمار «لتصحيح الخلل القائم، لكن المشكلة أن هناك عقليات مريضة موجودة في مراكز القرار لا تعرف للأسف أهمية الأشجار والمساحة الخضراء في المدينة التي تتقلص تدريجاً»، كاشفاً عن حلول عدة «طرحناها على البلدية والجهات المسؤولة من أجل تنظيم الشارع وبقية شوارع المدينة بشكل أفضل، لكن وضع البلدية للأسف يرثى له هذه الأيام».
تجدر الإشارة الى أن اقتراح تضييق وسطية شارع الميناء ليس جديداً، وهو يعود إلى أيام رئيس البلدية الأسبق سمير شعراني، إذ تكاد لا تمر سنوات إلا ويقترح البعض فكرة من هذا القبيل، لكن سرعان ما تلقى اعتراضاً واسعاً من أكثر من طرف، نظراً إلى أن الشارع يعدّ من الشوارع الخضراء القليلة التي ما تزال موجودة في المدينة، ويعتبر شارعاً نموذجياً لطالما صدرت دعوات عدة للتشبه به، تنظيماً وتشجيراً، في بقية شوارع المدينة.
هذا التمسك بالوسطية الخضراء في الشارع أجبر البلدية على التجاوب مع دعوات سكان الشارع وناشطي المجتمع المدني بهذا الخصوص، وأعلنت أكثر من مرة رفضها توسيع الشارع على حساب الوسطية، مقابل دعوات أطلقها البعض بتضييق الأرصفة وليس الوسطية إذا كان الهدف توسيع الشارع، لكن هذا الاقتراح وجد صعوبة في تنفيذه «بسبب اعتراض أصحاب الحقوق عليه من مالكي عقارات ومحال تجارية على جانبيه»، حسب حلواني.