منذ أقل من شهر، تسلّم وزير العدل أشرف ريفي التشكيلات القضائية التي أعدها مجلس القضاء الأعلى، الذي تنتهي ولايته في 12 حزيران. وبخلاف القانون، لم يبد ريفي ملاحظاته عليها، ولم يردها الى المجلس كي تُستكمل الترتيبات القانونية القاضية بتعيينهم. بمعنى آخر «نيّم» ريفي الملف، وفق ما تؤكد مصادر مطلعة.
أكثر من 80 قاضيا تضمهم التشكيلات، من ضمنهم 20 قاضيا لا يزالون في وزارة العدل ينتظرون التشكيلات لمزاولة أعمالهم منذ حوالي سنة. تجاهل ريفي لملف التشكيلات ومخالفته القوانين، تردهما المصادر نفسها الى «عدم رضى وزير العدل على المجلس الحالي، وبالتالي لا يريد ان يمضي في التشكيلات التي يضعها هذا المجلس، بانتظار مباشرة المجلس الجديد عمله».
«ما هو مصير التشكيلات القديمة؟ وهل يحق للمجلس الجديد اجراء تشكيلات جديدة؟»، تتساءل بعض المصادر القضائية في اشارة الى أن ثمة اشكالية لافتة حول عمل المجلس الجديد نفسه، في ظل تعذّر تأدية القضاة لقسم اليمين امام رئيس الجمهورية، كما تنص القوانين التي تنظّم القضاء العدلي.
تنتهي ولاية المجلس الحالي بعد أقل من أسبوع، وعلى المجلس المعين حديثا (المؤلف من 7 قضاة، خمسة عُيّنوا باقتراح من وزير العدل، واثنان انتخبهما قضاة محاكم التمييز) وفق الأصول تأدية قسم اليمين أمام رئيس الجمهورية، فكيف للمجلس ان يباشر عمله دون توفير هذا الشرط؟

20 قاضيا لا يزالون ينتظرون مباشرة اعمالهم بسبب تجاهل ريفي لملف التشكيلات

تشير المصادر المطلعة الى اقتراحين يتمثلان إما بتأجيل تأدية قسم اليمين، وإما بمثول القضاة أمام مجلس الوزراء ورئيس الوزراء لتأديته، «إلا ان رئيس الجمهورية يؤدي قسم اليمين على حماية الدستور، في حين ان مجلس الوزراء ورئيسه لا يؤديان قسم اليمين»، توضح بعض المصادر القضائية انه «من مهمات المجلس ان يشكّل محاكم، وبالتالي فان اي متقاضٍ متضرر من احكام قضائية صادرة عن هذه المحاكم، يستطيع الطعن بهذه الأحكام، اعتبارا بان هذه المحكمة لم تتشكّل أصولا. (لان المجلس الذي شكّل هذه المحكمة لم يقسم اليمين وفقا للاصول)». وتصف المصادر نفسها الأمر بـ «الخطير»، مشيرة إلى ان هذا الأمر ليس «اجراءا شكليا»، بل «من شأنه أن يحدث بلبلة في القضاء»، فإضافة الى احتمال طعن المتقاضين بالقرارات القضائية، «هناك احتمال ان يطعن اي قاضٍ متضرر من التشكيلات التي يفرضها المجلس المشّكل باعتبار ان القرار مخالف للقانون لأن «المجلس لم يشكل اصولا أيضا»، مشيرة الى ان تأدية اليمين امام مجلس الوزراء لا تجنب احتمالات الطعن الواردة.
يرى وزير العدل السابق شكيب قرطباوي في حديث لـ «الأخبار»، أن تأدية اليمين امام مجلس الوزراء من شأنه ان يساهم في «حلّ التعقيدات القائمة في ظل الوضع الاستثنائي الذي تشهده البلاد»، لافتا الى «أن تأدية اليمين امام رئيس الجمهورية هي نوع من الاحتفالية، التي لا تضفي على عمل اي قاضٍ صلاحية خاصة»، مضيفا: «القسم يكون امام الله». لا ينكر قرطباوي احتمالات الطعن التي من الممكن ان تولدها معضلة أداء اليمين (سواء امام مجلس الوزراء او إذا تؤدَّ في الاساس)، لافتا الى انه لا احد يدعي امتلاك الحلول القضائية المثلى في ظل الاجتهادات الكثيرة.