في 27/3/2015 تقدّم كل من بيار وموسى فتوش بطلب الى المجلس البلدي (رقم 223) بإنشاء مجمع صناعي في منطقة عين دارة العقارية وجوارها. بحسب الإعلان الصادر عن رئيس بلدية عين دارة سامي حداد، فإن التراخيص المطلوبة للمشروع تشتمل على «معامل كاملة ومعدات وآليات وشاحنات وخطوط نقل والمختبرات وغيرها، ومعامل ومطاحن لصناعة الإسمنت على أنواعها وألوانها ومتمماتها لتصنيع المواد الأولية
(من الكلينكر وتوابعه ومن البوزلان والبحص والبزلت والتربة على أنواعها والرمل والبحص والجفصين والكلس والحجر الكلسي والفحم الحجري والحديد والألومنيوم ومشتقاتها والمعادن وسواها)، والتشغيل والاستثمار بشكل دائم، فضلاً عن التجهيزات المخصصة للمزج والخلط والجرش ومجابل الباطون الجاهز والاسفلت وأحجار الباطون، والتجهيزات المخصصة للصناعات الاسمنتية والبلاط والارصفة والجسور والجفصين والكلس على أنواعها، ومواد البناء والمصبوبات الاسمنتية على أنواعها وسواها وكافة مستلزمات التصنيع من المشتقات النفطية من غاز وفيول أويل وفحم حجري ومشتقات المواد الأولية وتوليد الكهرباء وسواها».

أكثر بكثير من «جبّالات باطون»

هذا الاعلان يدحض ادّعاءات أصحاب المشروع، فهم بصدد إقامة مجمّع صناعي ضخم ملوّث للتربة والهواء ومضرّ بالصحة والسلامة العامّة، بما يتجاوز كثيراً «جبّالات الباطون» التي قالوا إنهم في صدد إقامتها. يقول عضو المجلس البلدي في بلدية عين دارة أسعد حداد لـ»الأخبار»، إن هذه التراخيص المطلوبة تسمح أيضاً بإنشاء محرقة للنفايات وغيرها من الصناعات الملوثة. ويشير الى أن هناك «غضباً شعبياً كبيراً في المنطقة من هذا المشروع»، لافتاً الى «تخوف الاهالي من إمكان إمراره»، على اعتبار أنهم «ملسوعون» من الأخوين فتوش اللذين يعدّان «ضليعين» في فرض مشاريعهم، على حدّ تعبير أحد سكان البلدة.
في 28/3/2015 أصدر المجلس البلدي لبلدية عين دارة قراراً (رقم 6) يقضي برفض المشروع «جملة وتفصيلاً بإجماع الأعضاء الحاضرين»، نظراً إلى «خطورة المشروع المقدّم ولآثاره على الصحة والبيئة في منطقة عين دارة العقارية وجوارها». القرار الذي صدر بعد يوم واحد من تقديم الطلب، أتى نتيجة «الضغط الشعبي الذي مارسه أبناء البلدة، وبعد الكثير من الاتصالات التي أجريت مع أعضاء المجلس البلدي»، وفق ما يقول حداد. وعلى الرغم من أن القرار البلدي الرافض للمشروع من شأنه أن يشكل «ضماناً» يريح الأهالي، إلا أن الخوف من إمكانية تمرير المشروع لاحقاً لا يزال مخيّماً على الاهالي.

الشركة عاينت أرضاً
في دير العشاير المحاذية
للحدود مع سوريا


يقول أحد المطلعين على الملف إن فتوش لا يمكنه أن يحصل على الترخيص ما لم يحصل على موافقة من المجلس البلدي، «إلا إذا أصدر رئيس البلدية قراراً منفرداً»، حينها يستطيع أن يجد فتوش مخرجاً قانونياً لها. إلا أن أحد الخبراء القانونيين يجزم بأنه «لا يحق لرئيس البلدية أن يتخذ قراراً منفرداً في ما يخص إعطاء تراخيص لمنشآت صناعية، فبحسب قانون البلديات، فإن الجهة المخوّلة إعطاء التراخيص هي الهيئة التقريرية (المجلس البلدي) وليس رئيس السلطة التنفيذية».

المعمل على أرض مشاع

يخطط فتوش لإقامة المشروع على 16 عقاراً من منطقة عين دارة، تبلغ مساحاتها نحو مليون و500 الف متر مربع. تشمل هذه العقارات العقار رقم 4314، الذي «خاض» لأجله بيار فتوش دعاوى قضائية مع بلدية عين دارة منذ عام 1999 لإثبات ملكيته له. تمكّن فتوش من ربح القضية حينها وجعل البلدية تسلّم بـ»ملكيته له». إلا أن النقاش المستجد حول هذا العقار برز منذ أربع سنوات، عندما طلب فتوش من القاضي العقاري ضمّ قطعة أرض تبلغ مساحتها نحو 175 ألف متر من أراضي المشاع الى العقار المذكور (15/3/2011 ) (راجع عدد الأخبار http://al-akhbar.com/node/21687). استطاع فتوش أيضاً كسب «معركة» قضم هذه المشاعات، بعدما نجح في الضغط على رئيس البلدية للتراجع عن الدعوى المقامة ضده لاستردادها. في 3/12/2014 تقدم الياس ضاهر (شقيق العضو البلدي أسعد حداد وأحد سكان بلدة عين دارة) لدى مجلس شورى الدولة بطلب الطعن في قرار المجلس البلدي ورفع دعوى ضد وزارتي الداخلية والبلديات والمالية وضد البلدية، إلا أن مجلس شورى الدولة أصدر قراره في 16/3/2015 برد الطعن «لانتفاء صلاحية هذا المجلس للفصل فيها». يؤكد العضو البلدي أسعد حداد أن الكتاب الذي وجهه الى وزارة الداخلية يتضمن شكوى «سلب المشاع»، وهو لم يلق حتى اليوم أي تجاوب، علماً بأن أكثر من ستة أشهر مضت على تاريخ تقديم الكتاب مرفقاً بـ»وقائع تثبت أن فتوش عمد الى ضم مساحة من المشاع الى عقاره». يشير حداد إلى أن حدود العقار 4314 تغيرت في أكثر من وثيقة تحديد وتحرير؛ فالمساحة المحددة للعقار في وثيقة «العلم والخبر» الصادرة عن مختار البلدة، تختلف عن تلك المحددة في تقرير الخبير الوارد في الحكم الصادر عن القاضي العقاري في جبل لبنان (رقم 171 تاريخ 15/2/2003)، «وهو ما يثبت عملية التلاعب في العقارات».
الامتعاض الأكبر من المشروع يتجلى على لسان أحد سكان البلدة، الذي قال :»مش بيكفي سارقلنا المشاعات إلا وبدو يستثمرها بمشاريع تقتلنا».

دير العشاير ملاذ فتوش الأخير

تقول مصادر مقرّبة من فتوش إن الأخير تحسّب لرفض إنشاء المعمل في بلدة عين دارة، وعمد الى البحث عن منطقة تكون بالنسبة اليه «ملاذه الأخير». وبحسب هذه المصادر، فإن شركة التطوير العقاري عاينت قطعة أرض في دير العشاير المحاذية للحدود السورية، في منطقة راشيا الوادي، تقع نصف مساحتها ضمن الأراضي السورية والنصف الآخر ضمن الأراضي اللبنانية. وتؤكد المصادر نفسها «أن فتوش استحصل على ترخيص من السلطات السورية بشراكة مع أحد القادة الأمنيين السوريين النافذين»، مضيفة أن «الترخيص موقّع من قبل الرئيس السوري بشار الأسد، باعتبار أن هذا المعمل مخصص للاستثمار في إعادة إعمار سوريا، كونه سيطحن اسمنت الأبنية المهدّمة ويعيد تصنيعها اسمنتاً». يقول فتوش في حديث مع «الأخبار» إن جميع التحركات والاعتراضات يديرها سعد الحريري، لكونه شريكاً في معملي شكا وسبلين، «ويريد أخذ الثأر من الوزير نقولا فتوش من خلال هذه الحملة».




أهالي قب الياس يحتجّون

بعد تداول خبر طلب شركة التطوير العقاري من بلدية عين دارة إقامة المشروع في هذه المنطقة العقارية، عقدت بلدية قب الياس مؤتمراً صحافياً حضرة رئيس اتحاد بلديات البقاع الأوسط محمد البسط ورؤساء بلديات القرى المجاورة، لإعلان رفضهم هذا المشروع. وقال رئيس البلدية درغام توما إن «الضرر الأكبر يقع على بلدة قب الياس، ولها الحق في ردّ الضرر عن أهلها وأبنائها»، متوعّداً بـ»التصعيد الشعبي في حال تم إمرار المشروع».