محنة لجوء السوريين في لبنان دخلت عامها الرابع. أربعة أعوام تراكمت فيها قرارات وأحداث عنف كثيرة، بدأت بعدم اعتراف الحكومة اللبنانية بصفة «اللجوء» واعتمادها مصطلح «النزوح» لتحرم اللاجئين من حقوقهم. تفاقمت الأمور وفرضت أكثر من 45 بلدية إجراءات حظر تجوال في كافة أنحاء البلاد، ما خلق جواً ملائماً لتكثيف مشاعر العنصرية، فتشكلت ميليشيات أهلية تحرص على تطبيق منع التجوال باستخدام العنف. 61% من المجتمعات المضيفة أقرّت بحوادث عنف تجاه اللاجئين خلال الـ6 أشهر الأخيرة من العام الماضي، فيما سُجلت 311 حالة صراع خلال أربعة أشهر.
بعد غيابٍ دام ثلاث سنوات للحكومة اللبنانية عن قضية اللجوء، قررت الدولة أن تعتمد سياسة لتنظيم «النزوح» هدفها تخفيض عدد اللاجئين. ارتكزت هذه السياسة على تغذية العنصرية، فبلغت ذروتها في اليوم الأخير من عام 2014 عندما صدر قرار عن المديرية العامة للأمن العام يحدد الحالات التي يُسمح لها بالدخول الى لبنان. لم يكن اللاجئون ضمن الفئات الست التي حددها الأمن العام، فأحيلوا على استنسابية وزارة الشؤون الاجتماعية في تحديد الحالات الإنسانية. الى اليوم لم تصدر الوزارة المعايير التي تعتمدها لتحديد الحالات الإنسانية.
في ظل هذا التعامل المجحف مع اللاجئين، ارتأت 17 منظمة غير حكومية «بدء تحرّكٍ مُشترك لبناني سوري بهدف عقلنة النقاش والسياسات العامة في مجال اللجوء، في ظل تنامي خطاب يحمّل السوريين حصراً الأزمة التي يعيشها اللبنانيون على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتربوية». أصدرت الجمعيات بياناً أمس تؤكد فيه أن هذه السياسات تخالف القوانين اللبنانية والاتفاقيات الدولية والمعاهدات الثنائية بين لبنان وسوريا، ما سيؤدي الى انعكاسات أمنية واجتماعية وإنسانية بالغة التعقيد. ترى هذه المنظمات أنه بفعل السياسات المتبعة «سيضطر كثير من المواطنين السوريّين الى دخول لبنان بشكل غير نظاميّ أو سيفقدون إقاماتهم الرسمية على أراضيه، فتتزايد أعداد غير المسجلين». هذا الأمر سيزيد من هشاشة أوضاع الكثيرين الذين سيصبحون عاجزين عن ممارسة أدنى الحقوق، بما فيها تسجيل حالات الزواج والولادات، خوفاً من الملاحقة، وتالياً عرضة لأبشع حالات الاستغلال الاقتصادي والسياسي. توصيات عديدة طرحتها الجمعيات أولاها أنّ ممارسة سيادة الدولة لا يمكن أن تتم من دون احترام الحقوق والمبادئ والالتزام بالمواثيق الدولية، إضافة الى عدم تعارض حق اللجوء مع مفهوم السيادة. طالب الناشطون بإعادة النظر في سياسة وقف اللجوء ما دامت أسباب هذا اللجوء قائمة، وإلغاء أي قرارات تتنكر لهذا الحق. أما المجتمع الدولي فعليه أن يتحمل مسؤولياته الناجمة عن مبدأ التضامن الدولي في مجهود إغاثة اللاجئين، وتقديم المزيد من الدعم المالي لتخفيف الضغوطات. وفي ما يتعلق بمعايير اللجوء، لا بد من تفويض مفوضية شؤون اللاجئين مهمة تحديد الأشخاص الذين تتوافر فيهم صفة اللاجئ وفقاً للمعايير الدولية.