يعوّل المئات من التلامذة المجتهدين على تفوّقهم في امتحانات الشهادة الرسمية، وتحديداً الثانوية العامة، للحصول على منح تعليم من مؤسسات ومنظمات وجامعات داخل وخارج لبنان. الا أن افادات النجاح هذا العام عدلت بين جميع مرشحي الشهادة الرسمية: الناجح والراسب، المتفوق و«اللي أنجق درس» ومن حصل على بطاقة ترشيح من دون التقدم للامتحان حتى.
الجميع ناجحون متساوون ويستحقون دخول مؤسسات التعليم العالي والترفع في صفوفهم، هكذا قررت السلطة السياسية! احد أبرز ضحايا الجريمة المرتكبة بحق التربية هي المنح الجامعية التي حرم منها المتفوقون.
معظم الجامعات في لبنان تقدم منحاً جامعية للناجحين الأوائل على صعيد لبنان، أو على صعيد كل محافظة، الا أنها هذا العام قد عاشت حالة من الارباك نتيجة غياب التقييم الرسمي للطلاب عبر علامات الشهادة الرسمية.
كما لا يوجد راسبون هذا العام، لا يوجد متفوقون أيضاً، والجامعات امام خيارين: اما أن تلغي المنح الكاملة أو شبه الكاملة التي تقدمها للطلاب، أو ان تقيّم الطالب المتفوق على أساس ما ناله من معدل علامات مدرسية خلال السنوات الدراسية الثلاث في المرحلة الثانوية.
العلامات التي
تعطيها بعض المدارس الخاصة مبالغ بها


الخيار الثاني اعتمدته الجامعة اللبنانية الأميركية LAU، التي قدمت المنح هذا العام اعتماداً على العلامات المدرسية عوضاً عن علامات الشهادة الرسمية، إضافة الى المعايير الأخرى التي تعتمدها الجامعة (مثل نتائج امتحانات الـSAT ).
جامعة هايكازيان أيضاً ستعطي هذه المنح استناداً إلى العلامات التي نالها الطالب في الامتحان التجريبي الذي تقيمه المدرسة الذي يسبق الامتحان الرسمي، اضافة الى الاطلاع على العلامات المدرسية.
تقول مصادر تربوية إن العلامات التي تعطى في العديد من المدارس، وتحديداً الخاصة منها، مبالغ فيها. وغالباً ما يختلف تقييم الطالب في الامتحان الرسمي، ما يعني ان الاعتماد على التقييم المدرسي، سيظلم طلاب المدارس الرسمية، وهناك تخوف من أن تتحول عملية توزيع المنح في هذه الحالة الى محسوبيات، بحسب المدرسة القادم منها، أو بحسب واسطة الطالب داخل هذه الجامعة أو تلك.
الجامعة اليسوعية أعطت منح التفوق للطلاب الأكثر حظاً هذا العام، وهم من ترشحوا لنيل شهادة البكالوريا الفرنسية التي صدرت نتائجها، وتقدم طلابها بسهولة للتعلم داخل وخارج لبنان من دون أي عقبات، ولكنها ما زالت تدرس الطريقة التي ستمنح فيها المنح التي تعطيها بالعادة الى الأوائل الخمس على صعيد لبنان، والأوائل الثلاث على صعيد كل محافظة في البكالوريا اللبنانية.
جامعة سيدة اللويزة مثلاً كانت تقدم بين 10 و15 منحة للمتفوقين في الشهادة الرسمية، لكن هذا العام لن تعطى بسبب عدم وجود متفوقين، وستكتفي الجامعة بإعطاء منح للأوائل في 40 مدرسة لها علاقة «بروتوكولية» مع ادارة الجامعة.
الجامعة الأميركية كذلك لن تقدم منح التفوق المتاحة لديها، وفضّلت الجامعة عدم اللجوء الى أي صيغة بديلة لتقديم المنح.
الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (usaid) لم تجد بعد الصيغة التي ستعطي فيها المنح التي كانت تعطيها في السابق الى المتفوقين في المدارس الرسمية موزعةً على المحافظات الست بالتساوي، وحالياً تقوم بمراسلة وزارة الخارجية ووزارة التعليم الأميركية لإيجاد حل ملائم لا يضطر المؤسسة الى وقف منح هذا العام خصوصاً أن هناك أموالاً مخصصة لذلك، وحال usaid كما العديد من المنظمات والجمعيات المحلية أو الدولية التي تعطي طلاباً منها منحاً للدراسة في مؤسسات التعليم العالي، مثل المجلس الوطني للبحوث العلمية الذي ينتظر سنوياً لائحة المتفوقين التي تصدرها وزارة التربية، ليقدم حوالى 20 منحة جامعية كاملة خسرها طلاب لبنان.
الضربة الأقسى التي تلقاها التعليم في لبنان مرتبطة بالجامعات في الخارج، الافادة ستعاقب حامليها، وسيضيق باب التخصص خارج لبنان، فالعديد من الجامعات هناك لن تعترف بالافادات وقد أوقف عدد كبير منها المنح الدراسية التي كانت تعطى بناءً على مراسلات الطالب والجامعة القائمة على أساس علاماته في الشهادة الرسمية. تزعزعت الثقة، وبعض الجامعات لم تقبل بتسجيل حملة الافادات لديها حتى لو على نفقة الطالب الخاصة. فالمنح الدراسية المقدمة من الحكومة الروسية لجميع المراحل الجامعية في جميع الاختصاصات تشترط مثلاً ألّا يقل معدل علامات مواد الاختصاص عن 80 %.
الجدير بالذكر أن الافادات لم تتم قوننتها بعد في المجلس النيابي، أي أن جميع الاشكالات التي تواجه حامل الافادة ستظل قائمة حتى يصدر القانون من المجلس النيابي، ولا سيما المانع القانوني الذي يحول دون تقدّم حملة الافادات الى الوظيفة العامة أو الانتساب الى النقابات المهنية، وغيرها.