عند الساعة الثانية عشرة ظهراً، كانت شاحنة النفايات المتوجهة إلى مطمر الناعمة – عين درافيل تعود أدراجها الى معمل العمروسية، بعد أن قطع الناشطون الطريق المؤدي الى المطمر. وعلى وقع هتاف «بدنا نسكّر المطمر»، صدحت حناجر المشاركين بأغنية تقول: «بسنة الستة وتسعين، الزعما وكل السياسيين، اجتمعوا وفتحوا بالشحار، مكب زبالة لسوكلين، اجتمعوا وفتحوا بالشحار، مكب زبالة وصمة عار. وبدنا نسكّر المطمر، سكّر المطمر سكّر». وتضيف الأغنية: «يا مواطن طل وشوف... قلة شئمة عالمكشوف، محمية بأرض الشوف مكب زبالة بالشحار. بدنا نسكر المطمر».
نجح التحرك الذي استقطب مشاركة واسعة من مختلف الجمعيات البيئية ومن سكان القرى المجاورة للمطمر، في حسم المعركة قبل ساعتين على بدئها، فقدم الناشطون للقوى الأمنية تنازلاً قضى بنقل مكان الاعتصام من مدخل أوتوستراد الناعمة - خلدة، إلى البوابة الأساسية للمطمر داخل وادي الصومعة الواقع بين الناعمة وعين درافيل. هناك تجمع أمس قرابة 300 شخص ونصبوا عدة خيم في الطريق على مسافة أقل من نصف كيلومتر من البوابة التي وقف خلفها قوى مكافحة الشغب، في وقت لم تتدخل فيه القوى الأمنية وشرطة البلدية لمنع المعتصمين من نصب الخيم.
وعند الساعة الثانية أعلن وليد أبو غنام باسم المنظمين بدء الاعتصام المفتوح عند مدخل المطمر، بعد أن تجاوز الخطر على حياتنا وصحتنا وسلامتنا كل الخطوط الحمراء، ودعا الدولة والرؤساء والوزراء والمسؤولين إلى زيارة الاعتصام للتحاور من أجل إيجاد حلول.
رؤساء بلديات المنطقة فضلوا القدوم بشكل مشترك إلى الاعتصام، حيث تحدث باسمهم رئيس بلدية عبيه عين درافيل غسان حمزة، داعياً السلطة اللبنانية إلى العمل لتوفير بديل للمطمر بأسرع وقت، والى إقرار التعويضات المستحقة للبلديات التي كفلتها المراسيم والقوانين، ولم تتمكن البلديات من الحصول عليها، رغم لجوئها إلى مجلس شورى الدولة وصدور قرارات إعدادية.
إمام بلدة حارة الناعمة الشيخ طارق مزهر، دعا الحكومة إلى الالتفات إلى الناس الذين بدأت تفتك بهم الأمراض، وخصوصاً السرطان، ولفت ألى أن خطر المطمر يعادل خطر التفجيرات المتنقلة في المناطق، لكن بفارق أنه يقتلنا ببطء».
رئيس الحركة البيئية اللبنانية بول أبي راشد، شدد على ضرورة أن تتحمل كل بلدية مسؤولية جمع النفايات وإتلافها بما لا يؤذي البيئة المحلية والوطنية. ودعا إلى إقرار خطة وطنية قائمة على الفرز من المصدر وتشجيع صناعة إعادة التدوير.
بدوره دعا رئيس التجمع اللبناني للبيئة رفعت سابا، إلى إقرار قانون النفايات الذي ينص على الفرز من المصدر والتخفيف والابتعاد عن الخطط المكلفة وعن المحارق والمطامر التي لم تجلب للبنان إلا الويلات.
رئيس جمعية الخط الأخضر علي درويش، دعا بدوره إلى محاسبة المافيات المستفيدة من هذا الملف والعابرة لجميع الطوائف والقوى السياسية المتنازعة، مؤكداً أن السياسة الارتجالية وعقلية الطوارئ ليست وليدة صدفة، بل هي مقررة عن سابق إصرار لكي نبقى في هذه الدوامة الاحتكارية وفي تطبيق الحلول غير البيئية والمكلفة.
رئيسة جمعية بيبلوس إيكولوجيا، فيفي كلّاب دعت باسم حملة صفر نفايات إلى ضرورة التشديد على الدورة الكاملة للمنتجات، وإدارة مصادر النفايات، لا النفايات نفسها، أي أن نعالج المرض، لا الأعراض. ورأت كلّاب «أن نقطة البداية للحل ليست قطاع النفايات بحدّ ذاته، بل نظم الإنتاج والاستهلاك التي تشكّل النفايات جزءاً منها». وكان الحزب التقدمي الاشتراكي قد وزع بياناً أمس أعلن فيه أن ملف اقفال مطمر الناعمة ومعالجة تداعياته هو من أولويات الملفات الملحة. وأعلنت وكالة داخلية الاشتراكي في منطقة الغرب وقوفها صفاً واحداً إلى جانب أبناء وأهالي القرى والبلدات المحيطة بالمطمر، ودعمها الكامل لأي تحرك سلمي وحضاري ملتزم سقف القوانين والأنظمة المرعية الإجراء من أجل إقفال المطمر في أسرع وقت ممكن.
دخول «الاشتراكي» على خط الاعتصام لم يترجم مشاركة فعلية على الأرض التي اقتصرت على الجمعيات الأهلية، وأبرزها تجمع شباب حارة الناعمة والجمعية الثقافية الاجتماعية في عرمون وتجمع شباب وصبايا بلدة عبيه، إضافة إلى مشاركة واسعة من بلدة بعورتة.
وأكد عضو حملة إقفال مطمر الناعمة أجود العياش، أن «المعتصمين لا يخضعون سياسياً لأحد، وبالتالي لن يفكوا اعتصامهم بناءً على تسوية». كلام العياش يؤكده أيضاً الناشط في الحملة فؤاد يحيى الذي اعلن مجموعة من الأنشطة التي ستقام اليوم وغداً، داعياً السكان الى مشاركة المعتصمين بسهرة نار، لافتاً الى ان الخيم التي نصبت ستكون جاهزة لاستقبال كل الذين سيتناوبون على المشاركة في الاعتصام في الليل والنهار.

يمكنكم متابعة بسام القنطار عبر | http://about.me/bassam.kantar