إحساس بالخيبة يتجدد بسبب غياب الدولة بنحو كامل (أرشيف)
هل الجنوب أكثر أمناً من الضاحية الجنوبية لبيروت؟ كلام بات يطرحه العديد من الجنوبيين، في ظل التطورات الأمنية والسياسية الراهنة. فالعديد من المصطافين الجنوبيين الذين يمضون ما تبقّى من عطلتهم الصيفية في قراهم، يبحثون عن الإجابة عن هذا السؤال: «هل علينا الانتظار في قرانا والتريث قليلاً لمعرفة إن كانت ستستمر تفجيرات السيارات المفخخة؟ وفي حال اندلاع حرب في المنطقة، هل ستكون الضاحية أكثر أمناً لنا من الجنوب؟».

لا إجابة عن هذه الأسئلة طبعاً، لأنه «لا أحد من المسؤولين يعتبر نفسه معنياً بالإجابة». إحساس بالخيبة يتجدد بسبب غياب الدولة بنحو كامل. عليهم أن يتدبروا أمورهم بأنفسهم. يتوجهون الى المحال التجارية لشراء «مونة الحرب» احتياطاً. يتحدث تجار المنطقة عن «توجه المئات من الأهالي لشراء الطحين والخبز والمعلبات، تماشياً مع أخبار الحرب». يقول محمد إسماعيل، أحد تجار المواد التموينية، «يزداد عدد الزبائن بحسب التصريحات الأميركية والروسية، أما المسؤولون اللبنانيون فلا دور لهم في توجيه الأهالي لتدبر أمورهم في هذه الأزمة». العديد من الأهالي يتابعون بحسرة أخبار العدو الاسرائيلي، «ليس خشية منه، بل إعجاباً باهتمام الدولة العدوّة بشعبها. فهي توزع الأقنعة الواقية من الأسلحة الكيميائية احتياطاً، تستدعي جزءاً من الاحتياط، تحاول تهدئة النفوس، أما نحن فعلينا أن نسمع ونراقب ونتخذ القرار». لا شيء من أخبار العدوّ هذه يثير غيرة الدولة اللبنانية الغائبة، التي لم تتخذ أي خطة حتى الآن لمواجهة أي كارثة تحصل يومياً. يسأل محمد حمود، الذي أرسل عائلته الى بلدته مركبا الحدودية بعد انفجار الرويس، إن كان ما فعله صحيحاً؟ أم عليه العودة لأخذ عائلته؟ لكنه يجيب عن سؤاله بنفسه «لن أترك عملي، مصدر رزقي الوحيد، ولن أترك عائلتي وحيدة، عدت إليها لأعود بها الى الضاحية، عليّ أن أتدبر أموري وأضع خطة المواجهة المحتملة بنفسي، وسأتحمل وحدي المسؤولية». يحاول علي بزي (بنت جبيل) التنبّؤ بما سيحصل عند اندلاع الحرب، «حتماً سينقطع التيار الكهربائي، وسيتوقف جرّ المياه الى المنازل، ما يعني أن علينا تدارك الأمر مسبقاً، وتجهيز المنازل بالمولدات الكهربائية الصغيرة، إضافة الى البنزين والمازوت، والشمع»، لذلك، بحسب بزي، «تهافت الأهالي على تجهيز منازلهم بلوازم الحرب، فهم باتوا أكثر خبرة، وأقل خوفاً، وجلّ ما يخيفهم انقطاع المياه والمواد الغذائية والأدوية، وهم يعلمون أن أي حرب ستقع، ولو بعيدة عنهم، ستمنعهم من متابعة الأخبار بسبب انقطاع الكهرباء، لذلك عمد معظمهم الى شراء أجهزة الراديو الصغيرة التي لا تحتاج أصلاً الى خدمة الدولة ومؤسساتها».