يُخيّل إلى المارّ على أوتوستراد حالات أن بناية «الأميركية للتكنولوجيا» لا تصلح لأن تكون حرماً جامعياً. إلا أن الحقيقة أن «جنة الطلاب» تبدأ عند بوابة الدخول. تتوزع أقسام الاختصاصات على امتداد الـ 23 ألف متر مربع التي تملكها الجامعة. كراسٍ وطاولات «صنع في الولايات المتحدة الأميركية»، مقاعد موزعة في الحديقة، كافيتيريا، ونادٍ رياضي. هذا من فوق، أمّا «تحت الأرض» فتقع كل الصفوف! منذ فترة، بدأت الأشغال من أجل تشييد مبنى جديد «فوق الأرض»، إلا أن الأعمال بطيئة لعدم توافر السيولة. لكن مهلاً، هذه ليست القصّة التي تجعل العلاقات داخل الجامعة غير سوية.
تعلق الكلمات في أفواه موظّفين وأساتذة وهم يتحدثون عن «معاناة مع إدارة الجامعة ممثلة برئيستها غادة حنين»، من دون أن يتمكنوا من إخفاء حنقهم.
على ذمة الذين غادروا الجامعة، هناك نحو عشرين دعوى قضائية تقدّم بها «المتضررون» لتحصيل حقوقهم، من بين هذه الدعاوى (على سبيل المثال لا الحصر) واحدة مقدمة أمام مجلس العمل التحكيمي رقم 156/2012 بتهمة الصرف التعسفي، وأخرى مقدمة أمام المحكمة المدنية في بيروت رقم 43/2012 يتهم صاحبها إدارة الجامعة بفسخ عقد العمل من دون وجه حق (قُدّمت الدعوى أمام محكمة مدنية بسبب عدم تسجيل المدعي في الضمان). يقول أحد المدّعين (رفض ذكر اسمه): «ضقنا ذرعاً من تصرفات إدارة الجامعة، وننتظر أن ينصفنا القضاء».
تقدّم رئيسة الـ AUT غادة حنين حوافز مالية مقبولة لجذب الأساتذة والإداريين، تقابلها أقساط مترتبة على الطلاب تعدّ تنافسية بالمقارنة مع جامعات خاصّة أخرى. يُنقل عن حنين تردادها أنها «تريد طلاباً بمستوى الجامعة الأميركية التي تخرّجت فيها». لذلك اعتمدت هذه الطريقة لجذب عدد كبير من الموظفين والأساتذة والطلاب. يصف بعض المصروفين أن «المعاملة في البداية تكون أكثر من جيدة»، ولكن سرعان ما ينكشف «سوء الإدارة».
تمتلك الجامعة، إضافة الى فرعها في حالات، فرعين في طرابلس وصور. تتركز الخلافات الفاقعة في الفرعين الأولين. ففي عاصمة الشمال، يقول أساتذة إن حنين فوّضت في عام 2004 إلى أحد المديرين أمور «كل شيء». كان عدد الطلاب المسجلين حينها 108 طلاب، أسعار الأقساط والمرونة في تسديدها أدّت الى ارتفاع العدد الى 520. في كانون الثاني 2012، اتهمت حنين المدير «بأنه سرق مالها» وصرفته من العمل. رفع عليها دعاوى جزائية. حمّلته مسؤولية تضخيم المساعدات المالية للطلاب «علماً بأن كل الطلبات تحمل توقيعها». تبليغ المصروفين طردهم كان عبر مسؤولة الموارد البشرية «التي صرفت أيضاً». وصرف أحد العمال السوريين «بحجّة أنه يتبع المدير المصروف»، كذلك اثنان من الحراس، ومسؤولة أحد الاختصاصات، ومسؤول شؤون الطلاب الذي منع من جمع أغراضه.
في فرع حالات، صرفت موظّفة تعسفياً من دون تعويض. رفعت دعوى قضائية أمام محكمة جونية، وهي لا تزال تنتظر حكم القاضي. إحدى الإداريات، التي انتقلت إلى العمل في جامعة أخرى، أجبرت على الاستقالة وإلا فـ«سيطرد أولادها». موظفة أخرى مضى على تقديمها الدعوى ضد الجامعة 7 سنوات، من دون أن يصدر الحكم بعد.
تعيش الجامعة اليوم في دائرة الخطر. مرّت ثلاثة أشهر ولم ينل الموظفون رواتبهم، وبعض الأساتذة يحجزون علامات الامتحانات كورقة ضغط، باعتراف أحد الموظفين الحاليين. انخفض عدد الطلاب في حالات الى 300 وفي طرابلس الى 160، إلا أن المشكلة المالية ليست جديدة. في عام 2006، لجأت حنين الى البطريركية المارونية تطلب مساعدتها لضمان التمويل المطلوب بعدما خسرت الكثير من الأموال بُعيد حرب تموز، فتقدّم أحد المتموّلين الذي قدّم تمويلاً بقيمة 1.5 مليون دولار، بحسب العارفين، وذلك في مقابل سندات دين، تقول حنين إنها أعادت المبلغ كاملاً، إلا أن الأخير ينفي ذلك، وهو قام بالحجز على أقساط الطلاب لاسترداد قيمة سنداته، وقام بتوجيه الإنذارات إليهم في بيوتهم بواسطة الدرك، مطالباً بتسديد الأقساط المستحقة عليهم لحسابه الشخصي. ويزعم أحد المطلعين على ملفات الجامعة أن والدة حنين، مديرة «الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا» هيام صقر، سددت مبلغ مليوني دولار للمتموّل كي يرحل! في طرابلس أيضاً، استلفت الجامعة من متمولين محليين آخرين. يُخبر موظف سابق للأمن في الجامعة أن هؤلاء كانوا يجتاحون الجامعة مهددين ومتوعدين إن لم يستردوا أموالهم.

* ملاحظة: سعت «الأخبار» مع مسؤولي الجامعة للحصول على التوضيحات المطلوبة، إلا أن هؤلاء أنكروا الوقائع، ورفضوا أن «يصدر عن الجامعة أي ردّ في هذا الشأن».