في عام 2012 انقلب ميزان التبادل التجاري بين لبنان وسوريا. قبل هذا التاريخ، كان هذا الميزان مائلاً بصورة واضحة لمصلحة سوريا. كانت قيمة الواردات السورية أكبر من قيمة الصادرات اللبنانية، لتصبح النتيجة عجزاً لبنانياً شبه دائم في معادلة التبادل بين البلدين. هذه المعادلة لم تعد قائمة اليوم؛ فالأحداث السورية عدّلت في مسارات التبادل وأنواع الطلب الاستهلاكي، ليصبح الميزان مائلاً لمصلحة لبنان. الشركات اللبنانية بدأت تزوّد سوريا بالمحروقات والقمح. حصّة هاتين السلعتين توازي 75% من مجمل الصادرات اللبنانية خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2013.
خلف مشهد العنف في سوريا والفوضى في لبنان، يقف التبادل التجاري بين البلدين أسيراً لمجموعة من العوامل والظروف المتغيّرة والمتقلبة. كان يفترض بهذا التبادل أن ينمو ويتنوّع أكثر في اتجاه تلبية الطلب الاستهلاكي في كلا البلدين، لكنه كان متذبذباً خلال السنوات الخمس الأخيرة. ففي عام 2009 كان حجم التبادل بين سوريا ولبنان يبلغ 458.6 مليون دولار، ثم ارتفع في عام 2010 إلى 559.3 مليوناً. إلا أنه مع بدء الأحداث السورية في آذار 2011، انخفض حجم التبادل في تلك السنة إلى 524.9 مليون دولار. ومع اشتداد وتيرة القتال وتقطيع الأوصال بين سوريا ولبنان، ارتفع حجم التبادل إلى 560 مليون دولار. أما في الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية، فقد سُجّل تبادل إجمالي بقيمة 440 مليون دولار.
هذا التطوّر في الحجم الإجمالي جاء في سياق تطوّر آخر يتعلق بانقلاب الموازين بالنسبة إلى الصادرات اللبنانية إلى سوريا من العجز إلى الفائض. ففي عام 2009 سجّل الميزان التجاري للتبادل بين البلدين عجزاً لبنانياً بقيمة 8.6 ملايين دولار، ثم ارتفع هذا العجز في عام 2010 ليبلغ 119.3 مليون دولار وتقلّص قليلاً في عام 2011 ليبلغ 95.3 ملايين دولار. الانقلاب حصل في عام 2012 حين سجّل التبادل فائضاً لبنانياً بقيمة 28 مليون دولار. هذا الوضع استمرّ في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2013 مع فائض لبناني في التبادل مع سوريا بقيمة 248.2 مليون دولار.
أسباب الانقلاب واضحة من خلال الإحصاءات الجمركية للتبادل التجاري بين لبنان وسوريا. لبنان يصدر كميات كبيرة من المحروقات إلى سوريا. ففي نهاية أيار 2013 سجّلت الجمارك تصدير أنواع من المحروقات مثل الكيروزين (وقود الطائرات) والغاز أويل (مازوت أخضر) والمازوت الأحمر بقيمة 252.1 مليون دولار، أي ما يوازي 73% من مجمل الصادرات إلى سوريا. تشير الإحصاءات أيضاً إلى أن لبنان صدّر قمحاً إلى سوريا بقيمة 6.7 ملايين دولار، وصدّر الموز بقيمة 5.7 ملايين دولار.